Author: halimyoussef
عالم عبدالحليم يوسف التعبيري الناقد محمد محي الدين مينو
كتاب: تجارب جديدة في القصة السورية
عالم عبدالحليم يوسف التعبيري
الناقد محمد محي الدين مينو
حمص، دار ملهم، 2004
الطبعة الجديدة من رواية “خوف بلا أسنان”
عن دار نفرتيتي للنشر في القاهرة صدرت الطبعة الجديدة من رواية” خوف بلا أسنان” الترجمة عن الكردية: فواز عبدي
تصميم الغلاف: جواد مراد
صدرت الرواية بالكردية لأول مرة في العام 2006 .وتتناول أحداث الانتفاضة الكردية التي قامت في الثاني عشر من آذار، وذلك من خلال تقاطع مصائر ثلاثة أصدقاء على خلفية اشتراكهم في تلك الانتفاضة التي قسمت التاريخ في تلك المنطقة الملتهبة الى نصفين.
صدرت الرواية في عشية الذكرى السنوية السابعة عشر لانطلاقة تلك الانتفاضة الكردية التي بدأت في قامشلو وامتدت الى جميع أماكن التواجد الكردي على الأرض السورية. علما أنها الرواية الكردية الوحيدة التي تتناول ذلك الحدث العظيم.
هكذا أدخلت كتبي الكردية الى سوريا
7 – مايو – 2014
كان ‘الرجل الحامل’ 1991 كتابي الأول والأخير الذي حصلت له على موافقة الطباعة والنشر من قسم الرقابة في وزارة الاعلام السورية، وذلك بعد قص رأس قصة واحدة من أصل خمس عشرة قصة قصيرة تضمنها الكتاب.
وبدأت حكايتي مع التهريب ابتداء من الرفض الذي تلقيته على الكتاب الثاني ‘نساء الطوابق العليا’ 1995، حيث اضطررت الى طباعته سرا في دمشق، على أن يكتب على الغلاف من الداخل على أنه طبع في بيروت- لبنان. ولي مع ادخال روايتي ‘سوبارتو’، بطبعتها الأولى، من بيروت الى سوريا حكاية طويلة سأتناولها في وقفة أخرى. في تلك الأعوام وتحديدا بعد العام 1992 في عهد رئيس الوزراء التركي توركوت أوزال، تم رفع الحظر عن اللغة الكردية في تركيا وبدأت المجلات والكتب الكردية بالصدور بشكل مرخص. ولأنني كنت أكتب باللغتين العربية والكردية فقد وجدتها فرصة مناسبة لطباعة كتبي الكردية في تركيا. وهكذا صدر لي الكتاب الأول ‘موتى لا ينامون’ 1996عن دار آفستا في استانبول. وبدأت البحث عن مهرب يدخل لي ما تيسر من نسخ عبر الحدود التركية السورية، وذلك بعد أن أنهكني ادخال نسخ قليلة من روايتي ‘سوبارتو’ عبر الحدود اللبنانية السورية. وتوج بحثي بالنجاح عندما أكد لي أحد الأصدقاء بأنه يعرف سائق باص يعمل بين هاتاي-أنطاكيا وحلب، على معبر باب الهوى، وقد خصص هذا السائق صندوقا خاصا خفيا في الباص لتهريب البضاعة بين طرفي الحدود وأنه يشتري منه تلك البضاعة بأسعار مخفضة عن أسعار السوق. وطلبت منه التحدث الى السائق على الفور، ففعل. استغرب السائق من أن تكون البضاعة كتبا هذه المرة، الا أنه تقبل الأمر بعد اطلاعه على تفاصيل الأمور. ومع ذلك طلب مبلغا من المال، لم يكن قليلا لطالب مثلي يدرس في كلية الحقوق في جامعة حلب.. وتم الاتفاق على ادخال سبعمائة نسخة مقابل عشرة آلاف ليرة سورية. واستلمت النسخ في حلب بعد مرورشهر على هذا الاتفاق. بدأت محنة التوزيع باليد لعدم تجرؤ أصحاب المكتبات في المناطق الكردية على بيع الكتب الكردية علنا. وقد كان الوضع في المدن الكبيرة كحلب ودمشق مختلفا قليلا، حيث كانت الكتب الكردية تعلق على واجهات بعض المكتبات دون أن تثير حفيظة قوى الأمن، وخاصة اذا كانت تلك الكتب أدبية. ومن أطرف الحوادث التي عايشتها في هذا السياق، ما حدث لي مع صاحب مكتبة الزهراء في حلب. أعطيته عشرة نسخ من كتابي ‘موتى لا ينامون’، فعلق احدى النسخ على واجهة المكتبة لعرضها للبيع، وذلك مقابل نسبة مئوية من سعر المبيع، كما هي العادة لدى كل المكتبات. وبعد أقل من اسبوع لفت نظري خلو واجهة مكتبة الزهراء من أي أثر لكتابي الجديد، فاستبشرت بيني وبين نفسي خيرا، معتقدا بأن النسخ العشر قد بيعت بسرعة قياسية. دخلت المكتبة محضرا نفسي لقبض ثمن النسخ المباعة وتزويد صاحب المكتبة بعشر نسخ أخرى، لكن المفاجأة كانت في رد الفعل السريع لصاحب المكتبة على رؤيتي واقفا أمامه، حيث بادر الى اخراج نسخ كتابي العشر من تحت الطاولة وأعادها الي كمن يتخلص من قنابل موقوتة ستنفجر بين يديه بعد قليل. وعندما خلت المكتبة من الزبائن، بدأ يتحدث الي بصوت منخفض عن دورية مخابرات داهمت مكتبته البارحة:
-هذه كتبك، أعيدها لك، والحمدلله أنهم لم يصادروها. منعوا تعليق الكتب الكردية في الواجهة أو بيعها. وقد صادروا جميع نسخ كتاب تاريخي فقط، يبدو أنهم كانوا يبحثون عن مؤلف هذا الكتاب الخطير.
التفت حوله بحذر شديد، كمن يبوح بسر عميق:
-اسمع، اذا كنت تعرف صاحب هذا الكتاب، وهو كردي مثلك، فأخبره بأنهم يبحثون عنه وقد سألوني عن عنوانه ومكان سكنه، ولا أدري ان كان يسكن في حلب. وفي كل الأحوال، حرام، يتوجب تبليغه ليحتاط لمثل هذا الأمر.
وانتظرت بفارغ الصبر أن يبوح لي باسمه لأقوم بالواجب، فأكمل الحديث مستعجلا قبل أن يدخل أحد الزبائن الى المكتبة:
-اسمه محمد أمين زكي، صاحب كتاب سميك ‘خلاصة تاريخ الكرد وكردستان’ وقد صادروا جميع النسخ الموجودة عندي.
ولحسن حظ محمد أمين زكي، المؤرخ الكردي العراقي، وربما لسوء حظ المخابرات السورية أيضا أنه كان قد مر على وفاته أكثر من أربعين سنة. توفي تحديدا في العام 1958. وعدت ذلك اليوم مع تسعة موتى من ‘موتى لا ينامون’، حيث كان عاشرهم محمد أمين زكي الميت الذي يغرق في العراق في نوم عميق ورجال المخابرات لا ينامون بسبب البحث عنه في سوريا.
وفي العام 1998 كنت في استانبول بناء على دعوة مركز مزوبوتاميا الثقافي، بمناسبة مرور مائة عام على صدور أول صحيفة كردية، ولحضور العرض الأول لمسرحية ‘جمهورية المجانين’ المأخوذة من احدى قصصي التي تحمل نفس العنوان. وفي طريق العودة الى سوريا قررت جلب مائة نسخة من ‘الرجل الحامل’ الذي كان قد صدر للتو بالكردية من استانبول الى حلب. وقد حملت النسخة الكردية الرسومات الداخلية نفسها التي نشرت في الطبعة العربية منها وهي للفنان أحمد معلا. ومررنا من الجانب التركي بسلام وعلى الجانب السوري من الحدود طلب منا أحد رجال الجمارك أن نصطف الى جانب أغراضنا التي أنزلها السائق ومعاونه من الباص. لفت نظري أنني الوحيد الذي كانت بضاعته كتبا والبقية بطانيات وشاي وأجهزة الكترونية. لم يتمكن رجل الجمارك الفخور بزيه العسكري من قراءة كتابي فاكتفى بالتمعن في الرسومات الداخلية وقد استوقفته رسومات الأجساد العارية، وتمعن النظر فيها لدى حمله لكل نسخة من الكتاب. وسأل دون أن يرفع رأسه:
– لمين الكتب هاي؟
– لي.
– شو هالكتب؟
– هذه مائة نسخة من كتاب لي، مترجم.
– كتاب عن شو؟
– كتاب أدبي، قصص قصيرة، أدب يعني.
– شو يا عمي، بدك تعبي سوريا كتب سيكس وعمتقللي أدب!
قالها بازدراء وعيناه استقرتا على كومة البطانيات الملقاة الى جانب الكتب:
– لمين البطانيات.
وأخبرني صاحب البطانيات فيما بعد شاتما الجمارك بأنه دفع لهم ما يعادل سعر شراء البطانيات حتى سمحوا له بادخالها. قالها وهو يحسدني على نوعية بضاعتي التي أدخلتها الى سوريا دون أن أدفع لهم شيئا. وسألني فيما اذا كانت تجارة الكتب مربحة كتجارة البطانيات. فقلت له، بأن نقل مثل هذه الكتب عبر الحدود هو أقرب الى مغامرة شبيهة بالانتحار منها الى التجارة. لم يفهم الرجل ما قلت له، ولا أعتقد أن درجة الحمق لديه ستدفعه الى التفكير بنقل الكتب بدل البطانيات عبر الحدود في المرات القادمة. كل ذلك لا يهم، ما أسعدني أنني وبرفقة مائة ‘رجل كردي حامل’ عبرت الحدود ذلك اليوم بسلام.
أمسية أدبية – موسيقية في فوبرتال
01.09.2020
أمسية اليوم في فوبرتال شهدت حضورا كثيفا رغم إجراءات كورونا المزعجة.
أقيمت اليوم في المقهى الثقافي (آدا) في مدينة فوبرتال أمسية أدبية موسيقية باللغة الألمانية بمناسبة يوم السلام العالمي. وقد شارك فيها العديد من الكتاب والموسيقيين. شاركت في الأمسية بقصة “قطار وثلاث دول” والتي تدور أحداثها حول رجل فاته القطار في بلاد المهجر، كما في الوطن
صدور طبعات جديدة بالكردية من رواية “حين تعطش الأسماك” ومن قصص “آوسلاندر بيك”
عن دار بيوند للنشر والتوزيع صدرت في استانبول الطبعة الكردية الخامسة من رواية “حين تعطش الأسماك”، التي صدرت في طبعتها العربية عن دار مسعى للنشر والتوزيع قبل عام.كما صدرت الطبعة الثانية لقصص “آوسلاندر بيك” عن نفس الدار، علما أن الترجمة العربية للقصص قيد الانجاز.
نيسان 2021
أبرز الروايات في الأدب الكردي
جوان تتر
غُيَّبت الروايات في الأدب الكردي في مختلف اللغات، وخاصةً منها العربيَّة على مدار عقودٍ طويلة، لا يمكن إرجاعَ الأسباب سوى إلى تلك السياسيَّة التي لعبت الدور الأبرز في ذلك التغييب، أو لعلّها الأقدارُ هي من ساهمت في ذلك!.
يعود تاريخ أول كتابة لرواية كرديَّة إلى العام 1935 لتتالى بعد ذلك أشكال الرواية وتتطوَّر وفقاً لتطوِّر الخيال واللغة الكرديَّيَن، وكأي لغةٍ تُكتَب بها الرواية، اختلفت المواضيع واشتبكت الأحداث فيها، منها من تكلَّم عن تغريبة الكرديّ وسردها، ومنهم من انساق وراء همِّه الذاتي، لتتعدّد بذلك الأشكال الكتابيَّة للرواية الكرديَّة، سنتعرّف في هذا المقال المختصَر إلى أبرز الروايات الكردية وأكثرها تأثيراً.
آخر رمّانات العالم
حظيَ الروائي الكرديّ بختيار علي من مواليد السليمانيَّة- العراق 1960 بشهرةٍ أوروبيَّة قبل العربيَّة، وقُرِأ في لغة الضَّاد بعد صدور الترجمة العربيَّة لروايته المعنوَنة بـ: “آخر رمّانات العالم”، الصادرة عن دار مسكلياني – تونس وبتوقيع من المترجمين: “عبد الله شيخو و ابراهيم خليل” في العام 2019، علماً أنَّ ترجمةً أخرى للرواية صدرت خلال العام 2002 بتوقيع من المترجم الإيراني: “غسان حمدان”، إنَّما بعنوانٍ مختلف قليلاً: “آخر رمان الدنيا”. تدور أحداث الرواية التي هي من أهم الروايات في الأدب الكردي حول الأسى الكرديّ، لتصل وفق النقَّاد إلى مصافّ الرواية السحريَّة، حيثُ أحداثٌ متلاطمة، وشخصيَّات تعيشُ داخل سردٍ معذَّب، بحثاً عن خلاصها، سياسيَّاً واجتماعيَّاً ودوليَّاً، رحلةُ الكرديّ في مآسيه، الأمر الذي دفع بالناقد الألماني الشهير شتيفان فايدنر إلى التعليق على النسخة الألمانيَّة من الرواية بالقول: “قنبلة بكل معنى الكلمة”. رواية القنابل المحرَّمة دوليَّاً والأسلحة الكيميائيَّة التي استُخدِمَت ضدّ الكرد في العراق، رحلةُ البحثِ عن الولد التائه، في قالبٍ سرديٍّ أخَّاذ، روايةٌ تعكُسُ شخصيَّة الروائيّ نفسه، لتودي بالقارئ نحو الموتِ وعذاباته، ذلك الموت الذي يتحوَّل إلى موتٍ يوميّ بالنسبة إلى الإنسان الكرديّ.
الوحشُ الذي في داخلي
يعتبر الروائي الكردي السوري حليم يوسف مواليد عامودا 1967 من أبرز الروائيين المحدثين الكرد حتَّى الآن، وصدرت له عشرات الكتب بين روايةٍ وقصصَ قصيرة باللغتين الكرديَّة والعربيَّة، ولعلّ أهمّ رواياته كانت رواية: “سوبارتو”، التي حُظيت بشهرةٍ عربيَّةٍ وكرديَّة على حدٍّ سَواء، سوى أنّ روايته الصادرة في نسختها العربيَّة عن دار صفصافة في مصر والمعنوَنة بـ: “الوحش الذي في داخلي” تكادُ تكونُ الأكثر شهرةً في الوقت الرّاهن، وذلك لما فيها من تقنيَّاتٍ سرديَّةٍ تجانب الإنسان الكرديّ السوري، وأيضاً لما فيها من أحداثٍ واقعيَّةٍ لها أثرها اللامع في الذاكرة الكرديَّة السوريَّة، ولا سيَّما أنّ سوريا تعيش الآن حرباً طاحنةً، وسط قتل وتهجير الكُرد.
تدور الرواية حول مسقط رأسه، مدينته عامودا، الواقعة في الشمال السوريّ، وما عاشته المدينةُ من رعبٍ من الأب القائد الأخير الذي غيَّب تلك المدينة، وامتدّ تغييبه إلى المدن الأخرى في شمال سوريا، روايةٌ توثِّقُ سنواتٍ طويلة من مُعاشرةِ الوحوش التي تطلُّ برأسها حالَ توفّر الفرصة، لتعيث خراباً في البلد، وتتفنَّنَ في القتل. تكادُ تكونُ الأحداثُ شريطاً سينمائيَّاً مصوَّراً بتقنيةٍ سرديَّةً مفرِطَةٍ في الألم والعذاب اليوميّ، الشخصيَّات التي يتعرَّف إليها القارئُ في هذا العمل لن ينساها.
يوم من أيَّام عفدالي زينكى
تكادُ تكون هذه الرواية هي الأقرب إلى القارئ الكردي من بين الروايات في الأدب الكردي لكاتبها الروائي الكردي والمحدث الأبرز محمد أوزون 1953-2007، والحاصل على جوائز عدَّة في مجال الكتابة الروائيَّة. صدرت الرواية في ترجمتها العربيَّة خلال العام 2010 وبترجمة موقَّعة من المترجم والشاعر الكردي محمد نور الحسيني.
روايةٌ تتكلّم عن مغنٍ كردي معروف، وهو: “عفدالى زينكى”، الشخصيَّة الأسطوريَّة التي مَرِنت الغناء في يومٍ واحد، والرواية تكاد بالكامل تدور خلال يومٍ واحد، وهو تأريخٌ وإعادة إحياء لشخصية غنائيَّة، برعت في الغناء الشفاهي الكردي القديم، بالإضافة إلى مواضيع متعلّقة بالإبادة الأرمنيَّة التي حصلت على يد العثمانيين.تختلط التراجيديا الإنسانيَة والملاحم الكرديَّة والشخصيَّات الأسطوريَّة في هذا العمل الروائي لنكون أمام نتاجٍ يُعتبَر أوَّل من طرق باب الأساطير وتفعيلها ضمن الرواية والسرد.
متاهة الجنّ
من أكثر الروائيين الكرد غرابةً وبعداً عن النمطيَّة في جُلِّ أعماله الروائيَّة والقَصَصيَّة، حسن متّه، المولود في قرية ارخانيه – آمد في تركيا عام 1957، برع في كتابة الروايات القصيرة واشتهر بعوالمه السحريَّة في كامل منتوجه الروائيّ، وهذا ما سيفعله في روايته المعنوَنة بـ: متاهة الجنّ الصادرة خلال العام 2013 بتوقيعٍ من المترجم جان دوست. تتحدَّث متاهة الجنّ عن معلِّمٍ شابّ قادم من المدينة إلى القرية، حالماً بتغيير وجه العالم، سوى أنَّه سيصطدمُ بحكايات الجنّ والعفاريت، حيث مجريات الصراع القائم بين عوالم ثلاث: شاب يتحمَّس لتغيير العالم وزوجة المعلم البدوية التي تركت أهلها راحلةً مع زوجها وقرويّون بسطاء غارقون في متاهات الجنّ وحكاياتهم. اعتُبر متّه من أبرز الروائيين الكرد المعتمدين على الجملة القصيرة في سرده الروائي، ومتانة حبكته القَصصيَّة وغرابة حكاياته وانزياحها المستمرّ نحو اللا معقول، وهذا ما تنطوي عليه الترجمة العربيَّة لنتاجه الأدبيّ كذلك. الخروف الأخضر اعتُبرت رواية “الخروف الأخضر” التي صدرت خلال العام 2008 لكاتبها الدكتور آزاد أحمد علي من أولى الروايات المكتوبة باللغة الكرديَّة في سوريا، وتتأتَّى خصوصيَّة هذا العمل من ابتعاد الأحداث عن الأدلجة ومحاولة العمل بجديَّة أن يكون تأسيساً فعليَّاً للرواية الكرديَّة في سوريا.
حلقة عن الكاتب والروائي حليم يوسف
حلقة جديدة من برنامج قناديل على قناة وفضائية
Rojav TV عن ( الكاتب والروائي حليم يوسف )
إعداد وتقديم : مروان شيخي
10.01.2021
يوم مشمس في شتوتغارت: حوار بالكردية حول الكتابة والسلطة
حوار بالكردية حول الكتابة والسلطة والرواية والهجرة والقصة القصيرة والمخابرات والغربة والنيران التي التهمت أطفال سينما عاموده والتهمت معها روح تائقة الى الانعتاق من القفص الى أوكسجين الحياة.
أجرى الحوار الكاتب الكردي ابراهيم سيدو لفضائية
حليم يوسف: جناحا الأدب الكوردي مكسوران وبدون دولة لن يتبوأ أدبنا مكانته الحقيقية
يروي القاص والروائي حليم يوسف شذرات من مسيرته الشخصية والأدبية، بعد نحو 20 عاما من وجوده في بلاد المهجر واصدار العديد من المؤلفات الادبية.
بيل (كوردستان 24)- يروي القاص والروائي حليم يوسف شذرات من مسيرته الشخصية والأدبية، بعد نحو 20 عاما من وجوده في بلاد المهجر واصدار العديد من المؤلفات الادبية.
وفي لقاء خاص مع كوردستان 24 ينتقل حليم يوسف الى الماضي ليروي لنا كيف قرر الهجرة من سوريا.
ويقول يوسف “كان قراري بالهجرة مفاجئا في بدايات عام 2000 حيث شعرت بأنني أختنق في تلك البلاد مع انعدام الحرية في التعبير ومع ضغط الأجهزة الامنية المتزايد ولم يبق امامي خيار فإما أن اترك القلم والكتابة واخضع لنصيحة والدي الذي طلب مني ان اهجر الكتابة واعمل في الأرض أو اهجر غرب كوردستان وسوريا لاستنشاق بعض الأوكسجين الذي افتقدته هناك”.
ويتابع ان “عامودة موجودة في كافة نتاجاتي الادبية رغم اني بعيد عنها منذ 20 عاما، كما ان الخوف والرعب الذي كانت السلطات الامنية في سوريا حاضر دوما في رواياتي وقصصي.
انه الخوف الذي تسلل الى عظامنا هناك، ومن واجبي ككاتب أن اسلط الضوء على ذلك الجانب المظلم في الروح، ان تلك البلاد (سوريا) سقطت من شاحنة وعضتها الجغرافيا من أذنها”.
ويعزو حليم يوسف صدور رائحة الحرائق من كتاباته الى طفولته التي كانت مليئة بالأحاديث والذكريات الاليمة عن حادثة حريق سينما عامودة والتي ولد حليم بعد 7 سنوات من تلك الماساة.
ويشير حليم يوسف الى ان طفولته ورغم انها كانت مليئة بالصعوبات والمآسي لكنها في الوقت نفسه تعد خزينة ونبعا مهما للكتابة الادبية.
ويؤكد حليم يوسف ان الادب الكوردي يحاول الطيران لكن اجنحته متكسرة مشيرا الى انه لن يتبوأ المكانة التي يستحقها عالميا إلا بوجود دولة كوردية.
وحليم يوسف روائي وقاص كوردي من مواليد مدينة عامودة بشمال شرق سوريا، درس الحقوق بجامعة حلب ومقيم منذ سنوات في المانيا.
حاز يوسف على جائزة الرواية الكوردية لعام 2015 وهو عضو في نادي القلم الألماني.
صدرت له عدة روايات ومجموعات قصصية باللغتين العربية والكوردية أهمها: سوبارتو(رواية)، خوف بلا اسنان (رواية)، نساء الطوابق العليا(قصص)، الرجل الحامل (قصص)، موتى لاينامون (قصص)، وتسعون خرزة مبعثرة (رواية) وغيرها.
صدرت أعماله باللغات الكوردية، العربية، التركية، الفارسية، الانكليزية والألمانية.
سوار احمد
Kurdistan24
الرواية الكردية بين الاقصاء السياسي والابداع السردي
حليم يوسف
اذا تمعنا في بدايات الرواية الكردية نجد أن الروائيين الأوائل الذين ولدت على أيديهم هذه الرواية جاؤوا من الوسط السياسي، وبعد انخراط في العمل الحزبي على أعلى المستويات. ويشمل هذا الأمر كل من ساهم في نشوء وتطور هذا الجنس الأدبي خلال مرحلة تمتد الى نصف قرن ابتداء من رواية الراعي الكردي كأول رواية كردية ظهرت في بداية حقبة الثلاثينات من القرن المنصرم وحتى نهاية حقبة السبعينات منه. وسأشير الى أبرز ثلاثة أسماء تتوزع جغرافيا بين ثلاث مختلفة من الدول التي تتقاسم الوطن الكردي، وهم: – الأول هو عرب شمو صاحب رواية الراعي الكردي الذي كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أرمينيا وتعود أصوله الى شمالي كردستان (تركيا). والثاني هو رحيم قازي صاحب رواية بيشمركه وقد كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني في ايران. والثالث هو إبراهيم أحمد صاحب رواية مخاض الشعب وقد كان عضوا في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق. وتعتبر هذه الأسماء الثلاثة مع رواياتهم الأخرى من أبرز الأسماء الروائية التي ساهمت في تشكيل اللوحة الروائية الكردية خلال ما يقارب النصف قرن. وفي هذا المنحى لم تشهد المراحل اللاحقة من تطور الرواية الكردية اختلافا كبيرا من حيث انخراط الروائي الكردي في العمل السياسي والحزبي الكردي أولا ومن ثم توجهه الى ساحات الأدب والثقافة بعد يأس مطلق من السياسة أو بعد هزائم سياسية وعسكرية غطت مراحل كاملة من التاريخ الكردي الحديث. ولذلك نجد الروائي محمد أوزون أيضا والذي برز اسمه خلال الثمانينات والتسعينات قد غادر العمل السياسي والحزبي الكردي، الا أن الارث السياسي والحزبي ظل طاغيا على مجمل مواقفه السياسية وعلى أعماله الروائية أيضا. وكان واضحا على أنه غادر العمل التنظيمي، الحزبي الا أن الهاجس السياسي بالمعنى الحزبي للكلمة لم يغادره حتى آخر يوم في حياته. الا أن تلك المرحلة كانت بمثابة الجسر الواصل بين ضفتيي السياسة والأدب، مع التحفظ الشديد من الفصل بين المصطلحين. ويمكن تسمية هذا الجيل من الروائيين الكرد على أنهم كانوا جيلا لمرحلة انتقالية بين جيل البدايات حيث السياسة هي الهاجس الأول والأخير له، وبين الأجيال الجديدة من الروائيين الكرد الذين تشكل الرواية كنص أدبي، فني، هاجسهم الأول والأخير. من الجدير بالذكر أن عنصر السياسة بحضوره الطاغي على سياقات نشوء وتطور الرواية الكردية في مختلف المراحل يعود الى الشروط السياسية والتاريخية التي رسمت ملامح التراجيديا الكردية المتواصلة كأكبرشعب من حيث التعداد، حرم من التمتع بحقوقه القومية والانسانية ولا يملك دولة قومية خاصة به حتى اليوم.
واستطاعت الرواية الكردية في العقدين الأخيرين، رغم تاريخ المنع الطويل للغة الكردية ورغم تجزئة الوطن الكردي وتقطيع أوصاله بين دول تحكمها حكومات استبدادية فاشية، من أن تنفض عن نفسها غبار الإهمال والموت ، وأن تطل برأسها من بين ركام المنع والخراب من خلال نتاجات بالغة الأهمية، تضاهي في مستواها أفضل الأعمال الروائية في العالم. ومن المفارقة أن نجد السياسة التي كانت الحامل الموضوعي لسؤال الرواية الكردية عبر التاريخ تتحول الى عامل اقصاء لها، وتساهم في تهميشها واهمالها بشكل متعمد. وهنا لا يحتاج الأمر الى الاسهاب في عرض أسباب الاقصاء السياسي لهذه الرواية، بقدر ما نحتاج الى لفت الأنظار الى تحكم مافيا السياسة والمال بمفاتيح بيوت الثقافة والابداع وخضوع العمل الأدبي الى معايير أخرى لا علاقة لها بالأدب أو الفن أو النقد. ان اقصاء الرواية الكردية هو الوجه الآخر لإقصاء الشعب الكردي من التاريخ ولإبقائه تابعا وقابلا للذوبان في اللغات والقوميات السائدة. وكما أنتجت السياسة وبنجاح نموذج “الكردي الجيد”، فقد أنتجت ساحات الفن والأدب ومنها الرواية نموذج “الروائي الجيد” و “الشاعر الجيد” و”الفنان الجيد”، وهي كلها تنويعات على كلمة “جحشك” الكردية. وقد خلقت الارتدادات الأخيرة في الفكر الجمعي الكردي ردود أفعال مختلفة لدى العاملين في الحقل الأدبي الكردي، ويمكننا التحدث عن ثلاثة أنواع من الكتاب عموما ومن الروائيين خصوصا. الأول هو خلو النصوص الأدبية من الهم السياسي تماما، واعتبار كل ما يتصل بالسياسة لوثة أيديولوجية ينبغي التخلص منها لصالح “النقاء” الفني. الثاني هو غرق النصوص الأدبية في المواضيع السياسية والشعارات وخلط الحابل بالنابل من خلال الرؤية الذاهبة الى اعتبار كل شيء سياسة. الثالث، وهو النوع الذي أميل اليه، هو خلق التوازن بين ما هو سياسي وما هو أدبي، من خلال توظيف الموضوع السياسي في النص الأدبي، وجعل السياسة خادمة للأدب وليس العكس. وهذا ما حاولت القيام به في رواية ” الوحش الذي في داخلي”
كاتب كوردي لـ”العالم الأمازيغي”:الشعب الكوردي سقط من قطار التاريخ سهوا فعضته ذئاب الجغرافيا من أذنيه
مايو 27, 2019 أخبار العالم الأمازيغي, قضايا الكرد
الكاتب الكوردي حليم يوسف“: الواقع الكردي الحالي هو امتداد لتراجيديا متواصلة يعيشها هذا الشعب السيئ الحظ الذي ابتلي وطنه بأسوأ أنواع المخلوقات، فتقاسموه واستعبدوه”
يقول الكاتب الكوردي، حليم يوسف في هذا الحوار مع “العالم الأمازيغي”، ويضيف:” شعب سقط من قطار التاريخ سهوا فعضته ذئاب الجغرافيا من أذنيه”. وحول الفيدرالية التي أعلنت من طرف الكورد بشمال سوريا، قال الكاتب الكوردي “مبدئيا من حق الكرد في أي جزء من أجزاء كردستان أن يحصلوا على حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على أراضي آبائهم وأجدادهم”. وأردف :” في رأيي إنه الحل الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الدائم في المنطقة”.
*حاوره/ منتصر إثري*
كيف تعرف نفسك لقراء العالم الأمازيغي؟
أنا كاتب كردي من غربي كردستان – شمال سوريا. إلى جانب لغتي الأم، الكردية، أكتب بالعربية أيضا. أقيم في ألمانيا منذ العام 2000. وأقول لقراء العالم الأمازيغي من يود منكم التعرف علي عن عمق فليتفضل ويقرأ كتبي. فقد صدر لي حتى الآن عشر كتب تتوزع بين الرواية والقصة القصيرة.*
حدثنا قليلا عن الأدب الكردي باعتبارك كاتبا وروائيا أيضا؟
اذا أردنا الحديث عن الأدب الكردي فلا بد لنا من التحدث عن الأجزاء الأربعة من الوطن الكردي، كردستان، الذي يتوزع بين حدود أربع دول هي سوريا، العراق، تركيا وإيران. وكذلك التحدث عن الأدب المكتوب باللهجتين الكرديتين الأساسيتين الكرمانجية والسورانية إلى جانب اللهجات الأخرى كالزازاكية والهورامية وغيرها. وسيقودنا الحديث حتما الى التحدث عن الأبجديتين اللاتينية والآرامية. وسيتشعب الحديث بنا بالرجوع أكثر من ثلاثمائة عام عندما كتب الشاعر الكردي أحمد الخاني ملحمة الحب العظيمة مم و زين، وصولا الى تسعينيات القرن العشرين التي أعتبرها بداية نهوض الأدب الكردي الحديث الذي توزع بشكل أساسي بين الشعر والقصة والرواية. استطاعت اللغة الكردية في السنوات الثلاثين الأخيرة أن تنفض عن نفسها غبار المنع والقمع والتهميش والقتل الذي غطى شعرها طوال التاريخ، وأن تؤسس لأدب جديد لا يقل عن آداب اللغات الأخرى من حيث الجودة الفنية.*
ما هي المواضيع التي تعالجها في كتاباتك وروايتك؟
كل ما يوجد في الحياة وما لا يوجد يصلح أن يكون موضوعا للكتابة الأدبية. بالنسبة لي لا تثير في لوعة الكتابة إلا النار التي تأكل أصابعي. لا أستطيع الكتابة عن أرض لم أمش فوقها، ولا عن سماء لم أبك أو أضحك تحتها. الكتابة لدي هي حاجة روحية قبل أي شيء. حاجتي إلى الكتابة تشبه حاجة الإنسان إلى الأوكسجين للاستمرار في الحياة. كل ما أرى، يقظا أو نائما، كل ما أسمع، كل ما أشعر به، كل ما يؤرقني يمكن أن يكون موضوعا للكتابة.
* ما الذي يغذي فيك روح الإبداع الأدبي أو ما أطلق عليه «فيتامين الكتابة الأدبية» إن جاز التعبير ؟
لا أدري كيف أصابتني لوثة الكتابة، كنت طفلا صغيرا عندما وجدت نفسي محاصرا بسكاكين أسئلة وجودية، فلسفية، سياسية، تاريخية أكبر مني. أسئلة لم تكن تخلف وراءها سوى الألم. لم يكن بإمكاني، أنا الطفل الصغير وقتذاك، أن أجد جوابا مقنعا لكل تلك الألغاز المحيطة بي. ولدت في بلدة حدودية اسمها عاموده، كانت عائلة أبي “فوق الخط” وهو الخط الحديدي الذي يفصل سوريا عن تركيا، أي في تركيا وكانت عائلة أمي “تحت الخط ”أي سوريا، وأنجبتني امي بقرب ذلك الخط الحديدي الذي هو سكة قطار في الأصل، لكن لا قطار مر عليه. كان ولا زال ذلك الخط الحديدي محاطا بالألغام وبرؤوس العساكر الترك الذين يتوزعون على أبراج مراقبة يراقبون الحدود و يقتلون كل كائن حي يحاول اجتياز ذلك الخط الحديدي الملغوم. هذا عدا عن الصدمة التي خلفتها الأيام الأولى من المدرسة عندما تحدث معلم الصف معنا بلغة مغايرة عن لغة آبائنا وأمهاتنا، هي العربية التي كانت لغة موظفي الدولة والشرطة والمخابرات فقط. في تلك الأجواء كنت أبحث عن إجابات لأسئلة كانت تحزنني ولم أجد غير الكتابة ملاذا. لا أدري كيف اهتديت الى الكتابة ووجدتها تخفف الألم الشديد الذي كان يتغلغل في عظامي الصغيرة آنذاك. هكذا بدأت خربشة الكتابة لدي وتتوجت بقصص وروايات لا زالت تحمل نبضات قلب ذلك الطفل الذي كنته ولا أزال.
*سياسيا، كيف تنظرون للواقع الكردي عموماً في خضم كل المتغيرات الجارية في المنطقة؟
الواقع الكردي الحالي هو امتداد لتراجيديا متواصلة يعيشها هذا الشعب السيئ الحظ الذي ابتلي وطنه بأسوأ أنواع المخلوقات، فتقاسموه واستعبدوه. شعب سقط من قطار التاريخ سهوا فعضته ذئاب الجغرافيا من أذنيه. منعوا عنه لغته، قبروا ثقافته، نهبوا خيرات بلاده و قطعوا جسده بطريقة يصعب استئصال أجزائه المبعثرة. أحرقوا روحه وأخرجوه من جلده وكرهوه بنفسه وجعلوا منه عدو نفسه. فأصبح بذلك نصفه خائنا والنصف الآخر بقي يقاوم المعتدي، ينتفض في وجه الظلم ويقاتل في سبيل كرامته. لا زال هذا النصف المقاوم يحمل صليبه على ظهره، يبذل الدماء رخيصة في سبيل حريته، يحارب بناته قبل أبنائه للحفاظ على ما تبقى من أمل في أن ينتزع هذا الشعب الجريح حق الحياة الحرة من أفواه الموت المفتوحة على كل الجهات.
*وكيف تنظرون للتحولات الجارية والمتسارعة في سورية؟ وما تأثيرها على القضية الكوردية عامة؟
أحد الأوجه الإيجابية التي أنتجتها الكارثة السورية فيما يخص الكرد هو تحكم الكرد بقدرهم إلى حد ما وامتلاك قضيتهم بعدا عالميا يتجسد في دعم التحالف الدولي بقيادة أمريكا لهم على الصعيد العسكري وإلحاقهم الهزيمة بداعش الصغير. وما أتمناه هو أن يتوج هذا الانتصار بانتصار أكبر وهو الحاق الهزيمة بداعش أنقرة الكبير. لا شك أن الكرد معنيون مباشرة بما تطرأ من تغييرات على الساحة السورية، ولن تحل المسألة الكردية في سوريا بشكل كلي بمعزل عن إيجاد حل سياسي لكل سوريا. لذلك فان التعامل مع القضية الكردية يخضع إلى حالة المد أو الجزر حسب تغييرات ميزان القوى المحلية والإقليمية والدولية صاحبة النفوذ في الساحة السورية.
*هل يمكن الحديث عن مكاسب سياسية حققها كورد سورية بعد انخراطهم القوي في محاربة «داعش»؟
أعتقد أن موقف التحالف الدولي وأمريكا على وجه خاص يلعب دورا بالغ التأثير في هذا الأمر. يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية ألا تكتفي بإلحاق الهزيمة العسكرية فقط بداعش. إذا اكتفت بذلك وانسحبت تماما من اللعبة الدموية الجارية على قدم وساق في سوريا، فستدخل المنطقة برمتها في دوامة اللامتناهية من صراعات جديدة. وبذلك سيفسح المجال لداعش أنقرة أن يفلت قطعان جهادييه الأشاوس على كامل تراب الشمال السوري كما فعل قبلها بمدينة عفرين الكردية. لذلك فان المنطق يقتضي بأن تتوج أمريكا هذا الدعم العسكري لحلفائها في الساحة العسكرية على الأرض إلى دعم سياسي واضح وصريح لمناطق الإدارة الذاتية التي اتبعت نموذجا في الحكم يتوافق من حيث المبدأ مع القيم الديمقراطية الغربية الداعية إلى التعدد القومي والى الارتكاز إلى نظام المؤسسات وما إلى ذلك من مبادئ نظرية يمكن التأسيس عليها لتلقي الدعم اللازم لكي تنتقل هذه المؤسسات والهياكل الإدارية من حالتها البدائية الحالية إلى حالة فعلية تتمكن من تأمين الاحتياجات الأساسية للناس في شمال سوريا وتأمين السلام والأمان لهم ريثما تتوافق الإرادات الدولية والإقليمية على حل ينهي الكارثة السورية بشكل نهائي.
* ما تقييمكم للدور الذي لعبه الكورد في الثورة السورية؟
لا أخفي عنك تحسسي من استخدام مصطلح الثورة أو إطلاق هذا الاسم الجميل على ما حدث وما يحدث في سوريا من تناحر طائفي مقيت مغلف بحرب دموية بين نظام متوحش شوفيني مشبع بثقافة التدمير ومعارضة شوفينية، متوحشة مشبعة بثقافة الذبح. ومن المفارقات الهائلة أن تتطابق أفكار النظام والمعارضة، أفكار الذابح والمذبوح فيما يخص الكرد. إن الموقف من الكرد كشف لنا بأن المعارضة لم تنشق فكريا عن النظام وإنما تصارع النظام للظفر بالسلطة والحلول محله. من هذا الباب فان ما قاله الكرد منذ البداية بأنهم يمثلون الخط الثالث بين النظام والمعارضة لم يكن بعيدا عن الصواب. وبذلك استطاعوا أن يشكلوا لأنفسهم قوة عسكرية خاصة للدفاع عن مناطقهم هي قوات حماية الشعب وقوات حماية المرأة، وهو أكبر انجاز تاريخي للكرد السوريين في العصر الحديث
* كيف تابعتم “الخذلان” الدولي إن جاز التعبير لطموحات الشعب الكوردي في تقرير مصيره؟
من المعروف أن المصالح الاقتصادية هي التي تتحكم بمفاصل السياسة الدولية، كما أن توزع الوطن الكردي بين أربع دول وعدم قدرة الكرد على تأسيس دولة قومية، بالإضافة إلى الفشل المتتالي للثورات الكردية المتعاقبة، كل ذلك أحال دون التقاء مصالح تلك الدول الفاعلة في السياسة الدولية مع مصالح الكرد “الضعفاء” والمنقسمين على بعضهم. لذلك نجد العالم بمجمله يفضل التعامل مع الدول المغتصبة للوطن الكردي على التعاون مع الكرد أنفسهم، وهذا ما تمليه عليه مصالحه. من المحزن أن تكون السياسة على الأغلب خالية من الأخلاق ومن المبادئ الإنسانية، رغم تبجح الجميع بهذه المبادئ وبقضايا حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وما إلى ذلك من شعارات لم تعد أكثر من كونها قد أصبحت جزءا من “الفلكلور” السياسي القائم على التجميل الإعلامي لسياسات تلك الدول. وسيكون هناك دعما للكرد في حال التقاء المصالح، وهو نادر الحدوث. وأبرز مثال على ذلك ما يحدث الآن من معارك حاسمة تخوضها القوات الكردية ضد أعتى قوة متوحشة ودموية في العالم وهي داعش، وذلك بدعم أمريكي مباشر. و كما أننا وجدنا ونجد جميعا كيف أن تركيا تدخل على خط تقديم الإغراءات لأمريكا لكي تتخلى عن الكرد وتتركهم فريسة لآلتها العسكرية المدمرة. فتبيدهم فيزيائيا وتصفيهم جسديا، استكمالا للإبادة الثقافية والعرقية التي تمارسها هذه الدولة الفاشية المقيتة ضد الشعب الكردي داخل وخارج تركيا. “تركيا تُبيد الشعب الكوردي فيزيائيا وتصفيه جسديا استكمالا للإبادة الثقافية والعرقية التي تمارسها هذه الدولة الفاشية المقيتة ضد الشعب الكردي”
* وماذا عن الهجوم المستمر للنظام التركي على المناطق الكوردية؟
لم يتوقف هذا الهجوم في يوم من الأيام منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية وقيام الدولة التركية والى يومنا هذا. قامت الدولة التركية في العام 1923 حيث انتفضت كردستان عن بكرة أبيها ضد سياسات هذه الدولة العرقية بقيادة الشيخ سعيد ببران الكردي في العام 1925 فعلق الأتراك مشنقته مع مشانق سبع وسبعين من رفاقه في آمد، ديار بكر. منذ ذلك الوقت وحتى الخامس عشر من آب في العام 1984 حين بدأ حزب العمال الكردستاني بخوض الكفاح المسلح ضد الجيش التركي، لم يهدأ الشعب الكردي يوما في التحرك من أجل نيل الحرية والاستقلال. الا أن الظروف لم تساعدهم حتى الآن لتحقيق طموحاتهم المشروعة. الدولة التركية ولأسباب تاريخية وثقافية تعاني من عقدة ال”الكردوفوبيا” فترى في الكرد خطرا وجوديا عليها، ولذلك فإنها تجند الآن آلافا مؤلفة من الجهاديين السوريين منهم وغير السوريين وتدفعهم الى المذبحة في سبيل “أمنها القومي” كما تقول. وسبق وأن صرح الكثيرون من مسؤوليهم بأن سماحهم لتعليم اللغة الكردية في المدارس سيؤدي الى انقسام وطنهم، في حين أن العكس صحيح.
*ما رأيكم في الفيدرالية التي يتحدث عنها الكورد في شمال سوريا؟
مبدئيا من حق الكرد في أي جزء من أجزاء كردستان أن يحصلوا على حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة على أراضي آبائهم وأجدادهم. وفي رأيي انه الحل الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الدائم في المنطقة. ونظرا لاستحالة قبول الشركاء لهم بالعيش سويا على قدم المساواة. ونظرا لصعوبة تحقيق هذا الأمر تأتي مسألة الفيدرالية في المرتبة الثانية من حيث تحقيقها للمطالب الكردية المحقة من جهة، وتجنب هذه الدول المزيد من الانقسام والحفاظ على الحدود الحالية. وهو مطلب كل دولة من هذه الدول ومطلب ملح لشعوبها ما عدا الكرد. حيث ترى هذه الشعوب في الحدود التي رسمها لهم الإنكليز والفرنسيين حدودا مقدسة وهم على استعداد أن يضحوا ويبذلوا دمائهم بالجملة للذود عن حمايتها وبقائها كما هي. قصارى القول، أن النتيجة تهمني أكثر من التسمية التي ستطلق على نظام الحكم. ما يهمني هو أن يعيش الكردي الى جانب العربي، لهما نفس الحقوق ونفس الواجبات، وأن تكون اللغتين رسميتين ويتم التعليم بهما دون تمييز. أما التسمية التي ستطلق على النظام الذي سيحقق هذا الأمر، فهو تفصيل يمكن مناقشته والوصول الى حل حوله. تعتبر الفدرالية الى جانب الإدارة الذاتية الصيغة الأكثر قبولا بالنسبة الى خصوصيات وضع الكرد السوريين.
*في شأن الكوردي ـ الكوردي، إلى أي مدى يمكن أن يشكل الحوار حلاً لإزالة الفجوة بين الكورد فيما بينهما؟
اذا تحدثنا عن الساسة الكردية بشكل عام فإننا نجد لدى الكرد ثلاثة نماذج مؤثرة تتوزع الغالبية من الشعب الكردي بين محاورها وهي الأحزاب الثلاثة الرئيسية في كردستان ، نموذج الحزب الديمقراطي الكردستاني – العراق والمجلس الوطني الكردي محسوب على هذا النموذج في بعده السوري. النموذج الثاني هو نموذج حزب العمال الكردستاني – تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي محسوب على هذا النموذج في بعده السوري. أما النموذج الثالث فهو نموذج الاتحاد الوطني الكردستاني – العراق، وقد تقلص نفوذ هذا النموذج في السنوات الأخيرة لصالح اتساع نفوذ النموذجين الأوليين. وتشهد الساحة الكردية منافسة على النفوذ تصل الى حد الصراع بين هذين النموذجين. ويلعب الموقع الجيوسياسي لكردستان دورا بالغ التعقيد في ادامة هذا الصراع وتعميقه. ففي إقليم كردستان العراق ما من منفذ بحري مع العالم الخارجي، وهو محكوم بالتعامل التجاري والاقتصادي مع تركيا، العدو الوجودي للشعب الكردي، وغالبا ما تبنى هذه العلاقة من قبل النموذج الأول على حساب الطعن في ظهر النموذج الثاني والوقوف الى جانب العدو التركي ضد مصالح هذا النموذج من خلال الابتزاز التركي وتهديداته بإغلاق بوابة “الحياة” الوحيدة للإقليم وإحكام قبضة الحصار والموت عليه، فيضطر الطرف الكردي إلى الخضوع لهذه الابتزاز. وقد اتبع الطرف التركي نفس المنهج لدى إجراء استفتاء الاستقلال في كردستان العراق بتهديداته المستمرة بإغلاق “الحنفية” وقطع شريان الحياة عنهم. وهذا دليل صارخ على أن الطرف التركي لا يفرق بين النموذجين فيما يخص الطموحات الكردية، لكنه يلعب على هذه التناقضات للإبقاء على حالة الفرقة والانقسام. وهذا ما يلغي أرضية الركون الى الحوار بين الطرفين الكرديين الرئيسيين، ويبقي على ديمومة الصراع الكردي الكردي. وفي رأيي لن يكون هناك حوار جاد بين النموذجين إلا إذا تحررا من ابتزاز الدول المغتصبة لكردستان وخلقت أرضية للاتفاق بينهما. ولست متفائلا بقدوم مثل هذا اليوم على المدى المنظور.
*كيف تنظرون إلى مواقف الأمازيغ من القضية الكوردية؟
لست مطلعا على تفاصيل القضية وليست لدي المعلومات الكافية لتقييم مواقف الأمازيغ من القضية الكردية. علما أنني أسمع وأقرأ بين الفينة والأخرى أخبارا عن تعاطف الأمازيغ مع القضية الكردية، لكنه تعاطف لا يرتقي الى المستوى المطلوب بأن يترجم على أرض الواقع الى مشاريع مشتركة تخدم مصالح الشعبين الكردي والأمازيغي وتساعدهما على تحقيق الطموحات القومية المشروعة التي يسعى اليها الجانبان.
*ما هي أبرز نقاط التلاقي والتشابه بين الكورد والأمازيغ ؟
أعنقد أن توزع وطنهما بين عدة دول والاضطهاد القومي الذي اتبع من قبل هذه الدول المستبدة ومنع اللغتين الكردية والأمازيغية على يد سلطات هذه الدول هي نقاط التلاقي والتشابه الأساسية بين الكرد والأمازيغ. كما أن هذا الوضع المزري هو الذي يقف وراء تشابه الشعبين بالكفاح من أجل استعادة الكرامة المهدورة ونيل الاستقلال، والتقائهما على ضفة البحث عن الحرية والانعتاق من نير ظلم الأنظمة المستبدة.
*في نظركم ما هي السبل الممكنة والناجعة لتطوير علاقة الشعبين ؟
ان العلاقة السياسية خاضعة لتقلبات المصالح وتتغير سلبا وإيجابا حسب تغير الأوضاع المستجدة، لذلك فإنها غالبا ما تكون وقتية وزائلة. في حين أن العلاقة الثقافية التي تستند على تعارف روحي عميق بين الشعبين تبقى الأكثر جدوى، ولا ترتبط مع تقلبات السياسة والمصالح المتغيرة. وسأذكر مثالا مباشرا على ذلك، لتطبع وتوزع دور النشر الأمازيغية الكبيرة خمس روايات كردية بالأمازيغية أو بالعربية حتى لتعريف القراء الأمازيغ بالشعب الكردي وبأدبه الحديث. ولتفعل دور النشر الكردية الأمر نفسه للكتاب الأمازيغ. ومن ثم يتم عقد ندوات ثقافية مشتركة هنا وهناك من قبل المؤسسات الثقافية ليتعرف كتاب الشعبين أيضا على بعضهم. قد يكون مثل هذا المشروع بداية لمشاريع أكبر يتم من خلالها تقارب الشعبين على الصعد الثقافية والفنية. وهذا ما سيؤدي إلى تعزيز التعارف وترسيخ التضامن بين القوى السياسية المؤثرة لدى الشعبين، للوصول الى علاقة ترتقي إلى مستوى الجراح المثخنة التي تكوي روح الشعبين، وتحاكي تطلعاتهما المشتركة باتجاه الظفر بالحرية والاستقلال
*مساحة حرة للتعبير عن ما تود قوله؟
شكرا لكم على جهودكم القيمة في مسعى بناء الجسور بين شعبين عريقين خانهما التاريخ وأجرمت بحقهما الجغرافيا، والشكر موصول لكل القائمين على منبركم الثقافي الذي يهتم بقضية شعبنا الكردي ومسعاه في سبيل الحصول على حقوقه الإنسانية المشروعة. وكلي أمل في أن تساهم هذه الحوارات في التعارف و التقارب بين الكرد والأمازيغ.http://www.amadalamazigh.press.ma/%D9%83%D8%A7%D8%AA…/…