halimyoussef - Halim Youssef - Page 3

حليم يوسف يشارك في معرض متنقل للكتاب الكردي في هولندا وألمانيا. في استضافة دار نشر آفا من خلال حفلات توقيع كتبه الصادرة عن نفس الدار.

تقيم دار آفا للنشر والتوزيع أول معرض متنقل للكتاب الكردي في العديد من الدول الأوربية ابتداء من هولندا، حيث يقام المعرض في العاشر من تموز العام 2021 في مدينة آرنهم، الرابعة عصرا

ويليه معرض آخر يقام في مدينة ساربروكن الألمانية في الحادي عشر من تموز العام 2021 في الثانية عشر ظهرا

سيشارك حليم يوسف في فعاليات اليومين المتتاليين من معرض الكتاب، من خلال الحديث عن تجربته الأدبية وتوقيع كتبه التي تصدر تباعا بالكردية والعربية عن نفس الدار المنظمة لهذه الفعاليات

معركة كوباني في عيون رواية الطيران بأجنحة متكسرة للروائي حليم يوسف

ريبر هبون

تعاد رسم الخرائط في المنطقة، وحينها لابد من أن تتغير التركيبة الديمغرافية، وتصبح الحياة مضطربة، والمجتمع محتم عليه أن يجابه وينظم نفسه احتراساً من أمواج التغيير الديمغرافي ووجود عداء إقليمي بائن لشعب كُردستان يفرض عليه التوحد، لكن ليس بوجود زعامات روحية تضع برامجها الإيديولوجية الحزبية على حساب الأمن الكوردستاني الاستراتيجي، إلا أن المعركة ضد التنظيم المتطرف، رجحت خيار المواجهة الميدانية بدلاً من الإنشغال بترتيب البيت الداخلي، حيث يصور حليم يوسف التناقضات والحيرة المتشعبة في صفوف الناس، إزاء توغل الجماعات الجهادية المندفعة داخل المدينة، والتي راحت تسن سيوفها لقطع الرؤوس دون رحمة، في كل زاوية وشارع وحي وقرية، راحت تدمر كل ما تصادفه، وفي تلك الظروف يقوم الناس بمختلف شرائحهم وأعمارهم بتجنيد أنفسهم لأجل مجابهة هذه الحرب الشرسة، حيث استعد الآلاف لمواجهة هذه الهجمة الغادرة، والبعض التزم بالتشبث بتراب الأرض على أن يخرج منها، حمل السلاح والانضمام للقوات بات واجباً مقدساً، والتمسك بغريزة البقاء والملكية تحتم على الناس أن تتشارك في معركة الدفاع، ففي هذه الحالة لا شيء يلوح في الأفق سوى ما يتعلق بصون الحياة وضمان البقاء والملكية، يلتقي الطرفان ليحملان في داخلهما أيديولوجية، أحدها توسعية تاريخية ترى في الدين وإعادة إحياءه سياسياً واجباً حتمياً يستدعي تدمير كل مخالف لها، والأخرى تحارب لأجل الأرض والوجودية المهددة تاريخياً بالانقراض والاندثار، ويتعلق ذلك بوجود الكورد كمكون قديم في الشرق الأوسط، فإحياء العسكرة الإسلامية يعني بروزاً للإسلام الجهادي كونه وسيلة أفضل لخلط الأوراق والتحكم بالموارد المائية والنفطية، فالعثمانية الأردوغانية تم تثبيتها بعد أن برز تنظيم الدولة الإسلامية وتوسع وانتشر بسرعة وكذلك أصبحت المعارضة السورية طعماً سهلاً للأسلمة الأردوغانية المفروضة عليها إلى جانب استفادة إيران منها ودعمها لشيطنة المكون السني واستهدافه طائفياً وبصورة مباشرة من خلال داعش الذي لم يستهدف الشيعة أو عناصر النظام السوري وإنما استهدف العرب السنة وحدهم، وكذلك تم توجيهه بدهاء نحو المناطق الكوردية في كل من جنوب كوردستان العراق ، وغربي كوردستان سوريا، وكذلك استهداف الكورد الإيزيديين في شنكال، وهكذا ظهر داعش كعامل أساسي لرسم معالم جديدة للشرق الأوسط الجديد، بصعود كوردستاني غير مسبوق كرادع أساسي وحليق قوي للتحالف الدولي في عملياته ضد داعش، بعد معركة تحرير كوباني على وجه التحديد، لهذا سلط الكاتب حليم يوسف النظر على البسالة الجماهيرية ، عمد إلى تصوير البطولات الفردية باعتبارها المعادل الأساسي للتفوق الروحي لشعب غربي كوردستان.

ترسم هذه الخرائط بالدماء دون أن يكون في حساب اللاعبين الكبار خراب المدن وخسارة الشريحة الشابة، فيكون إنهاء حرب داعش مقابل 11 ألف شهيد ، ويكون ثمن عفرين مقابل الغوطة، ويكون سري كانيه وكري سبي مقابل إدلب، وهكذا تقسم مناطق النفوذ ويكون على اللاعبين الصغار تنفيذ السيناريو دون نقاش، وتلعب الدول الكبيرة لعبتها بواسطة القوى المحلية لتخوض حروباً بالوكالة، عرضها الحصول على المكاسب والامتيازات في دولة مصطنعة كسوريا التي باتت ميداناً راهناً لتصفية الحسابات، ذلك التنافس الدولي لا يتم إلا في دول منهكة مفتتة، وهذا المد التركي الإيراني ، يكشف عن تنافس متصاعد فيما بينهما، توجهها إليه كل من روسيا وأمريكا، وهكذا تغدو هذه الحروب رائجة في سوريا ، العراق ، اليمن، ليبيا، والصومال، ولبنان، ويتم تقاسم النفوذ وعبرها تنمو ظاهرة النزوح والهرب من الجحيم الدائر، فالأزمات السلطوية باتت جلية، والانهيار الاقتصادي يطل كشبح مخيف بات النتيجة المعلنة والتي تعد وسيلة استكمال تنفيذ المآرب الدولية الذي هو نهاية المطاف بعد تفتيت المجتمع وإحداث الشروخ العميقة فبعد نموذج الدولة المخابراتية، حدث التفتيت والانهيار وإذكاء الفوضى لضمان الهيمنة والقدرة الدائمة على التحكم، ويكون على المجتمع المسحوق فيما إن أراد البقاء أن يقف بمواجهة الفساد والاستبداد المافيوي الذي ستمارسه السلطات الوليدة عن تفسخ الدولة وانهيارها غير المعلن، نجد القرابين البشرية تتوالى والنزوح يستمر، والعجز الاقصتادي يطل كشبح مخيف، ويصبح اللهث خلف الصراع شيئاً ليس بالإمكان إيقافه، فالدول الاقتصادية لا يمكنها إخماد جشعها ورغبتها في توسيع نفوذها، لهذا فالذي يشعل النار لن يكون بمقدوره إطفاءها في أي وقت يريد، لهذا أصبح لزاماً على الدول الراعية للفوضى والأزمات في أن تمضي في طريقها ولعب أدوراها دون تراجع، وهكذا يتشظى دور الأدب ليكون حليفاً للإنسان ووجدانه خارج شراسة هذا الصراع ومرتبطاً برغبة الإنسان في الحياة المثلى المتحققة في الإرتباط بالجمال والفن والقيم الأخلاقية إذ بدونها تصبح الحياة عبثية ضارية تصارع لأجل لا شيء وإنما لتنشر الخراب والويلات دون حل يلوح في الأفق، فتغدو الحروب المتلخصة بقصة البقاء على الأرض مسرحاً للأدب ليوثق أخبار وحقب الأمم في النهوض والصراع لأجل بقاءها متسلحة بإيمانها بأصالتها وثقافتها وقدرتها على الاستيطان في مواقعها، هذا ما يدفعها للذود عن نفسها ودفع فواتير الحرب ، ووعي الكوردستاني بقضيته أصبح أمتن من أي وقت مضى ، ولا تنهض الأمم مالم تتجاوز تلك التحديات المفروضة على وجودها، ولكي تبقى ويكتب لها الانبعاث فإنه ينبغي لها أن تستشرس في الدفاع عن مقدساتها وتحتل الجانب الأبلغ في رحلة الصراع نحو الأفضل عسكرياً وفكرياً وقومياً.

فعالية ثقافية في مدينة فوبرتال بألمانيا- مسرحية “أكبر محطة قطارات في العالم”، قراءات أدبية ومعزوفات موسيقية

15.05.2018 – Schauspielhaus – Wuppertal

رواية “الوحش الذي في داخلي” لـ حليم يوسف.. أصنامٌ تغتصب السوريين – ضاهر عيطة

26.03.2021 – موقع تلفزيون سوريا

يفكك الكاتب السوري الكردي “حليم يوسف” صور الحياة السورية الاعتيادية، ليصل إلى ما هو خفي منها، وهو وإن كان يؤسس للمتخيل، ولجعله موضوعاً لروايته “الوحش الذي في داخلي” إنما يوظفه، كمعادل موضوعي للواقع السوري، الذي حكم لعقود من قبل آل الأسد، أو”عائلة الوحش” جاعلًا من تمثال حافظ الأسد، تيمة أساسية في روايته، لا بوصفه مجرد كتلة حجرية، إنما كائن ينتمي إلى فصيلة الوحوش، وقد حل بغتة على حياة السوريين، ليغتصب المكان، ويخنق حركة الزمان، وتتسللت سموم أنفاسه إلى أرواحهم، فيتحول من يقطن في هذا الفضاء السوري، نسخة عن هذا الكائن الحيواني، وتماثيله تتناسخ عنها آلاف التماثيل، لتجثم على الصدور، كلعنة، فمعظم المهن والفنون، باتت تقتصر على صناعة ونحت التماثيل، ولأجلها تستهلك الأعمار، كحال النحات الأرمني “آرام” الذي ينحت تلك التماثيل في العلن، ويمارس البكاء في الخفاء، حتى صار للتماثيل قدرة التحكم في حياة الناس.

“سالار” بطل الرواية، يخرج من رحم أمه عند قاعدة التمثال، ورغم أن المخاض كاد يميت الأم “سوسن” وقد استعصى على الداية التعامل معه، فتنصح”الحاج محمود” بنقل زوجته إلى المشفى فورًا، وتحت جنح الظلام، بواسطة عربة يجرها حصان “سوسن” لا تكف عن صراخاتها المرعبة طوال الطريق، حتى تمنى “الحاج محمود” لو أن أصوات أذان الفجر المنبعث من المسجد لا تنقطع، عساها تطغى على صراخ زوجته، غير أن صوت أذان الفجر توقف، وصراخ الأم استمر يشق عنان الصمت، ولكن ما إن تصل بهم العربة عند قاعدة تمثال الرئيس، تحدث المعجزة، ويخرج الجنين “سالار” فجأة من رحم أمه، وهو في طبيعة تكوينه الجسدي أقرب ما يكون إلى حيوان، إذ سرعان ما نبت له ريش وأجنحة، وراح يطير بعيدًا، ليسبق الأم والأب إلى البيت، ونظرات التمثال تبتسم للأم الغارقة بدمها وهي عند قاعدته. 

هو حلم كابوسي، راود الأم”سوسن” حين ولدت طفلها “سالار” وكلما مرت قرب التمثال و”سالار” برفقتها، تتذكر ذلك الكابوس، والطفل يصر على الوقوف أمامه، طارحًا جملة من الأسئلة المحرمة على والدته: “لماذا يبقى التمثال رافعًا يديه طوال الوقت؟ ألا يتعب؟ ألا يتبول مثل الناس جميعًا؟ ألا يآكل؟ ألا يموت..؟”.

والأم تتحسس اقتراب اللعنة التي ستحل عليهم جراء تلك الأسئلة القاتلة، وعن هذا التمثال، تتناسخ عنه عدة سلالات من الوحوش، ليتم ترويضها، فتتحول بدورها إلى وحوش مشابهة، حتى أن الطفل “سالار” لا ينجو من التحول، الذي بدأت ملامحه تتبلور، منذ اليوم الأول لدخوله المدرسة، حيث تستأصل منه عفوية الطفولة من قبل مدير المدرسة، حين دخل عليهم الصف، مباغتًا الأستاذ “آلان” الذي كان يعطي درسًا في اللغة العربية، ويقرأ سورة يوسف، بصوت رقيق عذب، وهو لا يكف عن البكاء، مما دفع “سارلا” للبكاء بدوره، رغم عدم فهمه لمضمون الآية، لكن مع دخول مدير المدرسة، وحديثه عن المظاهرة المليونية التي ستقيمها الجماهير لأجل تخليد حياة القائد، تعم أجواء الصف حالة الرعب والقهر، والطفلة “مريم” ماعادت تستمتع بشد ضفائرها من قبل الأصدقاء، وفي اليوم الثاني، في خضم المظاهرات يحاول “سالار” أن يخرج عن قطيع المتظاهرين، وينفرد للعب في زاوية وسط هتاف الجماهير بحياة الأب القائد، لكن سرعان ما يتلقى عقوبة عن لهوه هذا، فيداهم عناصر الأمن منزله، ويعتقلونه مع والده، لكونه لم يحسن تربيته، وإن كانوا قد أفرجوا عنهما بعد فترة قصيرة، فإن مصير الأستاذ “آلان” يكون أشد رعبًا وهولًا، والتهمة “عدم تربية طلابه على حب القائد” مما يكلفه سنين طويلة من عمره يقضيها في المعتقل، وابنته “مريم” صديقة “سالار” في الصف، تعيش في يتم وحزن، وحين بلغت عمر الصبا، و”سالار” واقعًا في هواها، لم يستطع الأخير أن يلتقي بها في أي مكان على أرض هذه البلاد، إلا في أرجاء المقبرة، على أجساد الموتى، وهناك راحت تنشأ قصة حب كتب لها أن تموت وهي لم تكد تولد بعد، حين يعتقل “سلار” العائد قريبًا من بيروت، بعد أن أكمل تعليمه في اللغة الفرنسية.

 فقط لمجرد الشك في احتمال أن يكون هو صاحب الكتاب الذي يحمل عنوان “الأب والابن” ليقضي بدوره سنوات شبابه في المعتقل، وحين يخرج منه، ويعود إلى البيت، يباغت بموت أمه، وقد صار والده عجوزًا، ووحيدًا، وحتى وإن كان أستاذه “آلان” قد خرج من السجن، فيخرج منه وقد استحال إلى هيكل عظمي، غير أن الصدمة الكبرى بالنسبة إلى “سالار” غياب “مريم” عن البيت، وزواجها.                                                                     

على هذا النحو تنتهي مصائر الناس، وقصص الحب، والأحلام في بلد تحكمه التماثيل الحجرية، كحال النحات “آرام” الذي استهلك عمره في نحت التماثيل، وما من خيار أمامه، طالما أن عناصر الأمن، يواظبون على التردد إلى مرسمه، وحال صاحب المكتبة لا يختلف، فالمكتبة التي كانت المكان الأعز لدى “سالار” تغدو فضاء يعج بعناصر الأمن، ونتيجة للقهر والرعب، يغدو صاحب المكتبة عنصر أمن، ويأخذ على عاتقه التحقيق مع “سالار” عما إن كان هو مؤلف كتاب “الأب والابن” ومن الطريف والعبثي، أن ثمة تقارير في الأفرع الأمنية عن مشتبه بهم، من أمثال المفكر الفرنسي “جان بول سارتر”، والرسالم الهولندي “رامبرانت” وغيرهم، وتصدر بطاقات بحث عنهم في الحواري والأزقة السورية.

 وكان من الطبيعي في مثل هذه الأجواء الموبؤة بالوشيات والرعب والخوف، إنتاج كائنات متوحشة، حتى إذا ما آن الأوان، سارعت إلى نهش لحم بعضها، ليكتشف “سالار” أنه تحول بدوره إلى وحش، وقد نبتت لديه ذيول، كما حال الآخرين الذين يحيطون به.

ضمن هذه الأجواء الغرائبية، صاغ حليم موسى روايته، كمقاربة فنية لواقع الحياة السورية، ليدخلنا في دهاليز ومتاهات، مدللًا من خلالها على مكامن العطب في الحياة السورية، ليكنس العماء الذي استحكم بالإنسان الكردي والأرمني وغيرهما من المكونات السورية، ممن ولد وترعرع في دولة البعث، مفككًا أسرار ما آلت إليه الأمور في الوقت الراهن.

 فحين يتم الإفراج عن “سالار” يكون قد تحول إلى وحش، في لحظة كانت فيها سلطة الأجهزة الأمنية، أحوج ما تكون لأمثاله من الوحوش، لغزو الشوارع والمدن، لاسيما وأن ضيق السجون بالمتظاهرين، لم يعد يستوعب أعداد الوحوش فيها، مع من يتم الزج بهم حديثًا لتكتمل عمليه وحشنتهم في المعتقلات، وهي وإن كانت مجرد استعارات، وترميزات، إلا أنها صورت بدقة متناهية حقيقة ما جرى في سورية، الدولة المتوحشة، وكلما ظهرت أداة تحول دون توحش الكائن الإنساني فيها، كالكتب واللعب والحب والفن؛ يتم حرقها وخنقها.

 حتى أن الأغاني والألحان الموسيقية التي كان يواظب عليها “خليلو” الأعمى، آتت الوحوش المتناسخة عن التمثال الحجري لتستأصلها من حياته، وكان لـ”خليلو” الأعمى، صديق “سالار”، الأثر الأكبر في مقاومة هذه الوحشية، عبر معزوفاته الموسيقية وأغانيه العذبة، إلى حد بدا فيه “خليلو”، وكأنه حارس على ما تبقى من الجمال في الحياة، غير أن تلك الحياة وأناسها، بدوا وكأنهم محكومين بلعنة الطاعون، وما من خلاص منها، طالما وأن التماثيل الحجرية جاثمة على صدورهم، وكأن نبوءة الأم “سوسن”  كانت تحاكي نبوءة العراف “ترسياس” في مسرحية “أوديب ملكًا” حول مصير ابنها “سالار” الذي يمضي باحثًا عن مصدر هذا الطاعون، ما أوصله في نهاية المطاف إلى الاغتراب عن نفسه، تواقًا للعود إلى رحم الأم، أو الموت، كما هام “أوديب” في عماء عتمته، حين أدرك سبب الطاعون، واستمرت ماكينة الخياطة، بصوتها الذي يطحن عمر والدة “مريم” تعكس أثرًا كبيرًا في خلق الإيقاع الموجع الذي طغى على أجواء رواية حليم يوسف.

الأسماك التي تعطش في عالم حليم يوسف – فتح الله حسيني

استند الروائي والقاص الكردي السوري حليم يوسف بكل خياله وعوالم قصصه وأحداث رواياته على عالم غير مفترض، عالم واقعي جداً، عالم نعيشه بكل جوارحنا وأسانا، وتألمنا وتأملنا، وكأننا نود الانضمام الى ذلك العالم، الجميل، اوسع، الشفاف، والمغبر معاً مع شخوص وأبطال وموتى يرسمهم حليم يوسف في رواياته وعموم قصصه.

في بداية التسعينيات، عندما أصدر حليم يوسف اولى نتاجاته الأدبية، “الرجل الحامل” مجموعة قصص قصيرة، كنا ما زلنا طلبة في كلية الحقوق بجامعة حلب، نطمح لان نكون محامين أو قضاة أو قانونيين في أي سلك أو دائرة أو وظيفة نستطيع أن نكوت فيه رتيبين، أو نعيش في روتين خانق، ممل، كما يعيش كل زملائنا وأصدقائنا الخريجين من الجامعات بكلياتها المختلفة، ولكن سرعان ما تبددت الأحلام على صخرة التقييد القاتل، لجيل كامل، جيل حلم ولم يحقق شيئاً الا بضع كتب ومجموعة أصدقاء ما زالوا حالمين بالحرية الأكيدة، كل همنا انصب على الاشتغال على خلق عالم آخر، عالم افتراضي تستطيع فيه فرض ارادتك وخيايك وكل احلامك بين أوراق كتب، حيث كتبنا كثيرا ونشرنا كثيرا وبالنهاية بقيت احلامنا حبرا على ورق ضمن اغلفة كتب مبعثرة بين مدن مبعثرة.

مذ أصدر حليم يوسف كتابه “الرجل الحامل”، استطاع ان يخلق لنفسه جواً قصصيا خاصاً، عالما متمردا، قصصا واقعية بألبسة خيالية، ليتمرد عليه شخوص وأبطال قصصه في مدينته “عامودا”، ويقطعون الطريق عليه، ومن ثم يهاجمونه ويشتمونه، لتنتهي القضية في مخفر عامودا بين يدي الشرطة، بين أوراق كثيرة سميت محضراً موقعا بين حليم يوسف وشخوص قصصه، العتالين والعاطلين عن العمل، والمجانين، والقوادين والمخبرين في أحسن احوالهم.

تتالت ابداعات حليم بعد “الرجل الحامل” ليصدر لاحقاً مجوعة “نساء الطوابق العليا” ليكمل مسيرته الجميلة والابداعية في عالم خاص ساخر من الموتى والاحياء طوبت على اسمه، عالم حليم يوسف القصصي، بعد هاتين التجربتين القصصيتين تحول حليم الى الرواية فأدصر اولى أعماله الروائية تحت مسمى “سوبارتو” فكان تتويجاً جميلاً لتجربته الابداعية التي خلقت هاجسا وسجالا كثيراً في الشارع وخاصة شوارع مدينته “عامودا”، وفي اروقة كلية الحقوق، التي جمعتنا سوية، وفي صفحات المجلات والصحف والدوريات المختلفة، في سوريا ولبنان والخليج، لما للرواية من أوجه لفضح واقع مقلوب على ومغلوب على أمره.

دخل حليم أجواء القصة والرواية من باب الاحتراف، وبقي مخلصا لهذا الفن الابداعي، ولم يثنه عمله الاعلامي عن مواصلة مسيرته الابداعية، لذلك بقي الأكثر وفاء لنصه دون غيره.

الاحتفاء بحليم يوسف روائيا وقصصياً احتفاء بالابداع في روجآفا أولاً وأخيراً، رغم عدم اقامته فيها الآن، فقط بقيت تلك الجغرافيا الهاجس الأصل والأصيل في مكنونات ابداعه، والشاهد رواية “سوبارتو” تلك الجغرافيا المنسية من خارطة العالم، حيث النساء يقمن في الطوابق العليا، العليا جداً، وعندما أنت، أيها الحالم، تسكن في الطابق الأخير، تذهب تلك النسوة للاقامة في السماء.

احلام كثيرة، وواقع مشوه، يريسم ملامحها حليم يوسف، من تفاصيل الواقع اليومي، هو الواقع الكردي في غرب كردستان بامتياز، أو ربما هناك اناس آخرون يشبهوننا تماما على الضفة الاخرى من الحدود، حدود آمد ونصيبين أو شمال كردستان برمتها، حيث كل يوم كنا نرى من مدننا الصغيرة اهلنا على الضفة الأخرى من “سكة الحديد” / الحدود نسلم عليهم وبيبتسمون في وجوهنا ولكننا لا نستطيع ان تصافحهم، هكذا كانت ارادة الواقع، ولكن في الرواية والقصة تصبح سكة الحديد خرافة، ونحن نليق بالتصافح اليومي.

حليم يوسف أكثر مبدع أخلص لروجآفا وشمال كردستان، في احداث قصصه ورواياته، لذلك استحق هذا الاحتفاء من ” كردستاني نوي”

……………………………………

مشاركة فتح الله حسيني في ملف جريدة كوردستاني نوى الصادرة في السليمانية_ كردستان العراق

“الوحش الذي في داخلي”.. وسرد سيرة الوحوش -عارف حمزة

18.07.2019 – ضفة ثالثة، العربي الجديد

رغم خروجه من بلدته عامودا، في أقصى الشمال الشرقيّ من سوريّة، التي ولد وعاش فيها طفولته ومراهقته، ومن حلب التي درس فيها الحقوق وشارك كتاباً من مختلف المناطق السوريّة في تشكيل ما سمّي “ملتقى حلب الجامعيّ”، ومن سوريّة كلّها منذ عام 2000 ليستقر في ألمانيا، إلا أنّ القاص والروائيّ الكرديّ/ السوريّ حليم يوسف لا تُغادر كتاباته تلك الأمكنة التي عاشها هناك، حتى في مجموعته القصصيّة “أوسلندر بيك” (2011) والتي تتحدّث عن المهاجرين الأجانب في ألمانيا، فإنّ أغلبهم جاؤوا من تلك الأماكن التي عاش فيها، أو مدّ بصره إليها. ويبدو أنّه في زياراته القليلة الأخيرة إلى مسقط الرأس، قد جمع المادة الخام لروايته الأخيرة “الوحش الذي في داخلي” الصادرة حديثاً عن دار صفصاف.يعود صاحب رواية “خوف بلا أسنان” إلى بلدته الصغيرة المنفيّة على الحدود السوريّة التركيّة ليروي حكايات “سالار” ورفاقه الذين يجتمعون في مرسم المعلم “آرام”، وحكايته مع حبيبته الوحيدة “مريم” ابنة مدرّسه “آلان” الذي تأخذه المخابرات، وينسونه في السجون، حتى يعثر أحد الموظفين هناك على إضبارته التي أكلت منها الفئران في مخزن ملفات المعتقلين السياسيين، فيفرجون عنه، رغم أنّه كان يستحق الإفراج منذ سنوات؛ بسبب عفو قديم من الأسد الابن. ولكن هذا النسيان لا يدفع ثمنه أحد سوى السجين الذي لا يُصدق أنه حصل على حريته أخيراً.
تجري الرواية بين تلك البيوت والمدارس وأناس الحارات المنسيّة والخائفة حتى من التمثال الضخم الذي يتوسّط البلدة، ويبدو أنّه وُضع هناك كي يبثّ الرعب المتواصل في الناس 

تجري الرواية بين تلك البيوت والمدارس وأناس الحارات المنسيّة والخائفة حتى من التمثال الضخم الذي يتوسّط البلدة، ويبدو أنّه وُضع هناك كي يبثّ الرعب المتواصل في الناس البسطاء”

البسطاء، وكأنّه يُراقبهم طوال الوقت، ويعمل، التمثال، كمُخبر على أفعالهم وأقوالهم وهمساتهم وأفكارهم ويشي بهم، وليكون أول ما تراه عينا “سالار” الذي تلده أمّه أمام ذلك التمثال في العربة التي كانت تقودها للمشفى.
“سالار” الذي يلتقي حبيبته “مريم” في المقبرة، إذ لا مكان أكثر أماناً في تلك البلدة الصغيرة، ويحفر قبراً لنفسه هناك، مع شاهدة تحمل اسمه وتاريخ ميلاده، ويصنع في ذلك القبر تجويفاً يحوي أوراقه وقصصه ورسائله لحبيبته التي دلّها على قبره في المرة الأخيرة التي يلتقيان فيها، سيتم إلقاء القبض عليه فيما بعد من قبل الأمن بسبب شكّهم فيه بأنّه كاتب كتاب يعود إلى جان بول سارتر ووضع غلافه سلفادور دالي، أو يعرف أين مكانهما الذي يختبآن فيه!!. والسخرية ستعود ليوسف عندما يستهزئ من جهل رجال الأمن الذين يواصلون البحث للقبض على كاتب مثل جان بول سارتر، أو مثل الفنان سلفادور دالي، أو مثل المخرج الكردي التركي يلماز غوني، أو الشاعر الكرديّ أحمد الخاني الراحلين منذ عقود طويلة ومختلفة. وسيُعاقبونه بالسجن لعشر سنوات دون ذنب ارتكبه.
رغم أنّ “سالار” سيدرس بالجامعة في بيروت، إلا أنّ الكاتب حليم يوسف يحذف تلك السنوات الأربع، ولا ينقل روايته إلى المكان الجديد، بل يبقى مخلصاً في سرد الأحداث الكارثيّة في عهدي “الأب والابن” في تلك البلدة التي كانت تعيش في توديع أبنائها إلى السجون والمقابر، أو إلى الجبال للالتحاق بالمقاتلين هناك. وبالتالي ستحتوي الرواية أحداثاً يعرفها الكثير من أبناء تلك البلدة، خاصة بعد وفاة الأب (حافظ الأسد) واستلام الابن (بشار الأسد). في هذين العهدين تحوّلت الكائنات البشريّة إلى وحوش مختلفة الأحجام والقوّة والضعف؛ وحوش الفساد ووحوش البعث ووحوش الأمن والسلطة ومن ثمّ وحوش الجهاد والفصائل التي جعلت هذه البلاد تتحوّل “شيئاً فشيئاً إلى كومة أنقاض خالية من البشر” (الصفحة 261). ولكن هناك وحوش أخرى كان الرئيس الأب قد عرف كيف يُروّضهم أو ينفيهم أو يقتلهم، وهي دلالة على أحداث سياسيّة دارت في مناطق مختلفة بعيدة عن المكان الذي تجري فيه الرواية؛ “كانت سيرة الوحوش قد عادت إلى التداول من جديد إثر موت الرئيس، منهم مَن تنبّأ باستغلال الوحش الكبير لموت الرئيس الذي روّضه شخصيّاً والتمكن من الخروج من قمقمه ليُثير الرعب والاستنفار بين الناس، ومنهم من تحدّث عن تحرّكات وحوش عاودت الظهور، وقد وقعت حوادث قتل ونهب تمّ إلصاقها بالوحوش على الفور، كما تضرّع خطباء الجوامع في أيام الجمعة إلى الله ليقيهم من شرور الوحوش. أشار الجميع إلى أنّ المنقذ الوحيد الذي يُمكنه قطع الطريق على انقلاب الوحوش وخراب البلاد هو ابن الرئيس الذي يُعتبر خير خلف لخير سلف” (ص 123). وبعد استلام الابن للسلطة ستختفي وحوش وستظهر وحوش جديدة إلى أن نصل إلى الوقت الذي تبدأ وحوش مختلفة في تدمير المكان، ويدخل فيه الجهاديّون إلى المكان، وتعتاد الناس العيش في مكان يُذبح فيه الناس وتُقطع الرؤوس وتُعلّق على أعمدة عالية. واعتياد الناس يُحولّهم رويداً رويداً إلى وحوش تحمل ذلك الوبر الكثيف على جلودها، ومن فوق مؤخرة كل واحد أو واحدة منهم يتدلّى ذيل طويل.

فانتازيا
الفانتازيا التي يدخلها يوسف في هذه الرواية سبق أن استخدمها في مجموعاته القصصية السابقة مثل “الرجل الحامل” و”نساء الطوابق العليا” وحتى في روايته الأولى “سوبارتو”. وتحوّل

هنالك وحوش أخرى كان الرئيس الأب قد عرف كيف يُروّضهم أو ينفيهم أو يقتلهم، وهي دلالة على أحداث سياسيّة دارت في مناطق مختلفة بعيدة عن المكان الذي تجري فيه الرواية”

الناس إلى وحوش هي مقولة تبدأ منذ افتتاح الرواية، وتصبح هاجسها وهاجس شخصيّاتها، إلى أن يتحوّل البطل نفسه “سالار” إلى وحش من تلك الوحوش الغريبة الشكل والمظهر. وهي مقولة تذهب إلى فضح ومحاولة فهم وتهشيم الاعتياد الذي تغرق فيه الناس خلال عيش الديكتاتوريّة والتسلّط وتغييّب الحريّات والناس، وصولاً إلى سجنهم وقتلهم وذبحهم من دون ذنب وبدم بارد.
“سالار” هو الراوي الذي يتجوّل في المكان وفي حيوات شخصيّات المكان، وينقل لنا الأحداث بلغة سلسة غارقة في بساطتها، في ثمانين فصلاً، متجوّلة في حاضر الشخصيّات وماضيها. ويوسف، الذي يكتب باللغتين العربيّة والكرديّة، وتُرجمت بعض أعماله إلى لغات مثل التركيّة والألمانيّة، ينتقل بين شخصيّاته أيضاً بسلاسة العارف حتى بدواخل تلك الشخصيّات، وكأنّه يكتب شهادة عن مرحلة امتدّت لما يُقارب الخمسين عاماً. الشهادة بمعنى أنّ ما يجري سرده تمّ سرده شفاهيّاً ويعرفه أبناء ذلك المكان، والأماكن الأخرى التي خضعت لعهدي الأب والابن. هي “رواية كرديّة” كما دوّن على غلاف الرواية، وكأنّها شهادة من ذلك الصوت الذي ينمحي ويظهر بحسب ظهور الوحوش وبحسب غيابها المؤقت.

الأدب الكردي المعاصر..أسئلة اللغة ومساءلات الواقع

  الأدب الكردي المعاصر..أسئلة اللغة ومساءلات الواقع

حليم يوسف

في سياق التحدث عن الأدب الكردي، لا بد من المرور من حدود أربع دول هي تركيا وايران والعراق وسوريا ومن الشتات. ولا بد من التحدث عن أبجديات ولهجات موزعة بين هذه الدول التي تتقاسم الوطن التاريخي للكرد-كردستان. وتتوزع غالبية النتاجات الأدبية بين اللهجتين الرئيسيتين، الكرمانجية المكتوبة بالأبجدية اللاتينية والسائدة في تركيا وسوريا والسورانية المكتوبة بالأبجدية الآرامية أو العربية والسائدة في العراق وايران.

البدايات

هناك اجماع شبه تام بين الباحثين الكرد عن بدايات الأجناس الأدبية على صعيد اللغة الكردية بشكل عام، الا أن عوامل المكان و خصوصية اللغة والوضع السياسي قد أدى الى توزع تطور الأدب الكردي المعاصر على أكثر من سياق. يعود تاريخ كتابة أول رواية كردية الى بداية الثلاثينات في أرمينيا، كتبها عرب شمو، كما كتب فؤاد تمو أول قصة كردية حديثة في صحيفة كردية صادرة في استانبول في العقد الاول من القرن العشرين. وقد صدرت أول صحيفة كردية تحمل اسم كردستان من قبل مقداد مدحت بدرخان في القاهرة في العام 1898. ومن خلال نظرة سريعة الى الأماكن التي شهدت هذه الولادات الهامة في تاريخ الثقافة الكردية، من يريفان الى استانبول الى القاهرة، نتوصل الى مدى أهمية الدور الذي لعبته المنافي في ظهور الأدب الكردي الحديث وفي تطوره لاحقا. وكل هذا يعود الى سياسة الانكار والصهر القومي العنصري الذي تعرض له الشعب الكردي على أرضه التاريخية، واتباع سياسة ابادة ثقافية قائمة على منع اللغة الكردية وانزال أقسى العقوبات بكل من يحاول احياء الثقافة الكردية او يتداولها وقوننة كل ذلك من خلال مراسيم وبنود تحمل رؤى ومسميات سياسية.

 توزع الكتاب الكرد بين لغات الدول التي تتقاسم كردستان

كنتيجة مباشرة لمنع اللغة الكردية في الدول التي تتقاسم الشعب الكردي ظهرت أسماء هامة في آداب لغات تلك الدول، كالتركية والفارسية والعربية، تنحدر من أصول كردية . وساهمت مساهمة فعالة في تطوير واغناء الابداع الأدبي بتلك اللغات، في حين بقي الأدب الكردي محصورا في ابداعات بعض الأسماء “العنيدة” التي كتبت وأبدعت بلغتها الممنوعة وتحدت المنع والقمع والسجون لصالح تجاوز التهديد الوجودي للكرد وللغتهم ولثقافتهم ونجحوا في الحفاظ على هذه اللغة الممنوعة وديمومة الكتابة بها حاضرا ومستقبلا. اذا استثنينا وضع اللغة الكردية في كردستان العراق، كونها لغة رسمية الى جانب العربية، فاننا في الدول الثلاثة الأخرى، تركيا وايران وسوريا، نعثر على عشرات الأسماء الأدبية التي أبدعت بلغات هذه الدول في حين بقي الأدب الكردي في الظل حتى بداية تسعينيات القرن المنصرم.

بوادر نهضة الأدب الكردي الحديث في التسعينيات

حدثان تاريخيان يقفان وراء تحول كبير شهده الأدب الكردي الحديث، أولهما رفع الحظر، ولو بشكل جزئي، عن اللغة الكردية في شمالي كردستان (تركيا) مما أدى الى انتعاش اللغة الكردية في وقت قياسي ونفض الغبار عنها، وذلك باصدار صحف ومجلات وكتب كردية  علنا وتداولها من قبل الكرد دون التعرض الى المساءلة القانونية. فصدرت صحف اسبوعية وتحولت فيما بعد الى صحيفة يومية وأنشئت مراكز ودور نشر كردية ومؤسسات ومعاهد تساهم في تعليم وتطوير اللغة الكردية. كل هذا دون أن يسمح بأن يتم تعليم اللغة الكردية في المدارس بشكل رسمي. ونظرا للعلاقة الوثيقة بين المنشغلين في الساحة الثقافية والأدبية الكردية وبين السياسة الكردية، حيث أنها كانت تدار مباشرة من قبل تلك الأوساط السياسية، فانها خضعت للمد والجزر حسب الحالة السياسية التي كانت ولا زالت تشهد توترا هائلا في تركيا وفي شمالي كردستان. والحدث الآخر هو الانتفاضة الكردية في بداية التسعينيات في كردستان العراق وما تلت الهجرة المليونية من تطورات سياسية توجت باقامة منطقة فيدرالية كردستانية غير خاضعة لسياسة بغداد بشكل مباشر، مما فتح المجال أمام انتعاش الأدب الكردي الحديث في جنوبي كردستان أكثر من باقي الأجزاء.

 سوريا و روجآفا

فيما يخص اللغة الكردية، بقي النظام السوري مخلصا لسياسة الانكار والقمع والمنع ابتداء من قيام الجمهورية السورية والتي أضيفت لها العربية اسما وسياسة متبعة حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن وبدء الأحداث المناهضة للنظام في اطار ما سمي بالربيع العربي. واستطاع الكرد في روجآفا، وهي الترجمة الكردية لغربي كردستان، أن ينتصروا على داعش وملحقاتها وأن يفرضوا سيطرتهم على مناطقهم. وتم بذلك ولأول مرة في تاريخ سوريا تعليم اللغة الكردية في المدارس في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم. ويمكن تصنيف الكتاب الكرد في سوريا الى ثلاثة أقسام:القسم الأول يكتب بالعربية فقط. القسم الثاني يكتب بالكردية فقط. القسم الثالث وأنا منهم، يكتب باللغتين الكردية والعربية، وتجربتي الأدبية تدخل ضمن هذا الاطار.

……………………………..

المقالة التعريفية التي ألقيت في اطار مهرجان القاهرة الثقافي الدولي في حفل توقيع رواية “الوحش الذي في داخلي” في العشرين من شباط العام 2019

الروائي حليم يوسف: لا حلّ في سوريا بدون قصقصة أجنحة الداعشيّ الموجود في أنقرة

 ANF القاهرة – خاص – الجمعـة, 22 فبراير 2019

أكد الروائي حليم يوسف أن تركيا الآن هي في موقع داعش الأم، معتبرا أن داعش ستستمر فكرا وممارسة وبكل الاشكال كما في السابق طالما هنالك أردوغان ونظامه، وطالما تتصرف تركيا بهذه العنجهية، تجاه سوريا وروج آفا وتجاه الكرد بشكل خاص.

وبمناسبة صدور رواية “الوحش الذي في داخلي” للكاتب الكردي السوري حليم يوسف أجرت وكالة فرات للأنباء ANF حوارا صحفيا مع الكاتب حول روايته ‎التي مثلت رحلة بين الخوف والأمل، ووثيقة إدانة للأنظمة التي تحول الإنسان إلى وحش، فهي رواية تستلهم سنوات الرعب السورية في عمل أدبي ملحمي، صدرت في القاهرة ‎وشاركت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخة اليوبيل الذهبي للمعرض، كما كانت محور احدى فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي.

وشهدت القاهرة قبل يومين أمسية ثقافية مصرية-كردية، لمناقشة وتوقيع رواية “الوحش الذي في داخلي” للكاتب الكردي السوري حليم يوسف، المقيم في ألمانيا، حيث شارك بالندوة التي جاءت ضمن مهرجان القاهرة الأدبي بحضور لفيف من الكتاب والمفكرين وأصدقاء الشعب الكردي في مصر.. فإلى نص الحوار:

  • ما هي فكرة رواية الوحش الذي في داخلي؟

إن الرواية كانت بمثابة رحلة بحث عن مصدر الوحشية التي عشناها خلال السنوات الأخيرة بسوريا بوجه عام وفي روج آفا بشكل خاص، حيث حاولت من خلال هذه الرواية البحث عن مصدر تلك الوحشية المفاجئة ومظاهر الذبح والقتل وهدر الدم والاغتصاب والتخريب التي ظهرت خلال السنوات الاخيرة بالبحث عن اجابة حول سبب ظهور هذه الوحشية، ولذلك فكرة الرواية جاءت من هنا، من خلال الحكي عن جيلين هما جيل الاستاذ والتلميذ، اي فترتي حكم “الرئيسين” الأب والأبن، وبعد انتهاء فترة الرئيس الأب يخرج هذا الاستاذ من السجن، ليدخل التلميذ إلى نفس السجن الذي كان به الاستاذ، ولكن في فترة الرئيس الأبن، فأنا أتحدث عن تجربة السجن في ظل النظام السوري عبر جيلين مختلفين، ثم ظهور الوحشية في كل اطياف المشهد السياسي والجماعات المسلحة والارهابية من جميع الاطراف، لدرجة أن المؤلف نفسه بات يتساءل عن مصير الوحش الذي بداخله.

  • ما هي أبرز الاجابات التي توصلت اليها فيما يتعلق بتفسير هذه الوحشية؟

هي مجموعة أسئلة تطرح عبر الرواية، ومحاولة للبحث عن اجوبة، وليست تقديم اجابات محددة على أي سؤال، لا يوجد بالرواية مثل هذه الاجوبة المباشرة، فهي رحلة بحث وطرح اسئلة التي كانت شبيهة بالألغاز والطلاسم ومحاولة لكشف الشيء المختبئ او المستور او الاشياء الغامضة التي اتحدث عنها، فهي محاولة لكشف المستور والرواية لم تقدم جواب عن أي سؤال.

  • بمعنى انها دعوة للقارئ لكي يفكر ويتساءل أكثر من كونها تقديم لإجابات جاهزة؟

نعم، هذا احد اهداف الرواية، بمعنى جعل القارئ يفكر ويبحث عن مصدر هذه الوحشية والشخصية الرئيسية في الرواية ايضا في النهاية والمحصلة يشك بنفسه انه هو ايضا يحمل وحش في داخله، وربما هذا الوحش يستيقظ في أي يوم أو في أي وقت أو في أي مكان، ولذلك الجميع تحت الشبهة والجميع مشبوهون والجميع يمكن ان يحملوا هذا الوحش النائم، وهذه الوحوش النائمة يمكن ان تستيقظ في أي وقت.

  • ما هي أمثلة الوحوش التي شاهدناها في الحالة السورية، هل تقصد في روايتكم فقط الدواعش؟

لا أبدا، أنا أقصد الوحشية التي توزعت بين الطوائف والاجناس والقوات والجهات كلها، سواء بسوريا او بمناطق أخرى من العالم أو العالم كله حتى، فهي عملية بحث عن اللاإنساني في روح الانسان وعقله وعقله الباطن، ولذلك هو سؤال يمكن ان يكون غير متعلق باطار جغرافي معين ولا قوة معينة ولا اتجاه معين او حزب او تنظيم معين، بقدر ما هو سؤال وجودي وانساني ويوجه للإنسان الذي يحمل من الشر ما يكفي احيانا لتدمير العالم.

  • دعنا ننتقل قليلا للسياق المحيط بالرواية، كروائي، أين وصلت الأزمة السورية بعد السنوات الثماني ومستقبل التجربة في شمال سوريا؟

انا من الناس الذين لا يجيدون قراءة المستقبل، واحيانا وقراءة الحاضر ايضا، انا انظر لما حولي بعيون أدبية، أو بعين ثالثة غير العينيين المعروفين، فهي عين حسية وشعورية، ولا يمكنني تقديم اجابة شافية وافية حول المشهد الراهن.

– صحيح، وسؤالي عن انطباعاتك وما تراه فهذه العين الأدبية؟

انطباعاتي عن المشهد ان الوضع لن يستمر الى ما لا نهاية بهذا الشكل، إما سيتجه إلى الأسوأ فيما إذا لم يتم ترويض هذا الوحش الذي يسمى أردوغان، أو يتحول الوضع للأفضل بأن يكون هناك تسوية سياسية، باتفاق أمريكي روسي والوصول إلى صيغة سياسية لسوريا المستقبل.

  • هل ما عانيته وما تتحدث عنه من المنع والقمع طوال جيلي الرئيسين الأب والأبن في الرواية.. هو ما نشاهده ايضا الأن بفظاعة على يد المحتل التركي كما يحدث في عفرين وأماكن أخرى… كيف تصف هذه الممارسات؟

برأيي ان تركيا الأن هي في موقع داعش الأم، والقضاء على داعش في سوريا لا يعني انتهاء داعش، وسوف تستمر داعش فكرا وممارسة وبكل الاشكال كما السابق طالما هناك أردوغان ونظامه، وطالما تتصرف تركيا بهذه العنجهية، تجاه سوريا وروج آفا وتجاه الكرد بشكل خاص، لذلك انا اعتقد ان جذر المشكلة في أنقرة وليس في دير الزور أو الرقة أو أي مكان أخر، واذا تم التعامل “بقصقصة” أجنحة هذا الداعشي كما يتوجب فسيتم حل الأمور، والتهديد الوحيد والخطير الذي يهدد ليس فقط روج افا فقط ولكن كل سوريا هو تركيا، واذا تم تجاوز هذا التهديد وايجاد حل له فسيتم حلحلة الأمور والوصول إلى حل سياسي.

  • هل هذا التوقيع هو الأول لك في مصر لكتاب يصدر من القاهرة؟ وما هي خصوصية ذلك؟

نعم، “الوحش الذي في داخلي” هي الرواية الأولى التي صدرت لي في مصر، وهي روايتي الخامسة، فقد طبعت بدول عربية كثيرة، ولكن في مصر هذه روايتي الخامسة، ولأول مرة اقوم بإصدار كتاب في مصر حيث شارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي.

انا شعرت كثيرا انها أول مرة اعيش هذه التجربة الثقافية، فهناك الكثير من الوجوه الثقافية المصرية التي التقيتها للمرة الأولى في القاهرة خلال زيارتي الراهنة، وكانت تجربة جديدة، وهناك مثقفين كثيرين كنت اعرفهم فقط من خلال الكتابة والتقيت بهم هنا، والاجواء الثقافية هنا في مصر والقاهرة بشكل عام كانت تجربة مميزة وعلى الرقم من الزيارة القصيرة إلا انها كانت ثرية وكثيفة المواعيد واللقاءات، وسأعود لألمانيا وأنا احمل معي كثير من الاشياء الجميلة وافكار مشاريع ربما تكون سببا للعودة للقاهرة بين فينة وأخرى.

تكريم حليم يوسف في قامشلو – سوريا 18.06.2021

انعقد يوم الجمعة الواقع في الثامن عشر من حزيران العام 2021 في قامشلو المؤتمر السابع لاتحاد مثقفي روجآفاي كردستان بنجاح كبير. شهد المؤتمر حضورا كثيفا وملفتا، ومن الفعاليات التي شهدتها جلسة الافتتاح تكريم الكاتب حليم يوسف من قبل إدارة المؤتمر وقد استلم الإعلامي مزكين كمو “درع التكريم” بالنيابة عنه

أمسية ثقافية مصرية-كردية، لمناقشة وتوقيع رواية “الوحش الذي في داخلي” للكاتب الكردي السوري حليم يوسف

“الوحش الذي في داخلي”.. رحلة أدبية تستلهم سنوات الرعب السوريّة في رواية ملحميّة

‏شهدت القاهرة مساء أمس الأربعاء أمسية ثقافية مصرية-كردية، لمناقشة وتوقيع رواية “الوحش الذي في داخلي” للكاتب الكردي السوري حليم يوسف، المقيم في ألمانيا، حيث شارك بالندوة التي جاءت ضمن مهرجان القاهرة الأدبي لفيف من الكتاب والمفكرين وأصدقاء الشعب الكردي.

21.02.2019

“الوحش الذي في داخلي” رواية للكاتب الكردي حليم يوسف ‎كتاب عن الخوف والأمل، وعن الأنظمة التي تحول الإنسان إلى وحش، رواية تستلهم سنوات الرعب السورية في عمل بنفس ملحمي، صدرت في القاهرة ‎وشاركت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخة اليوبيل الذهبي للمعرض، كما كانت محور احدى فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي التي تابعتها وكالة فرات للأنباء ANF.

ومن جانبه، أكد الروائي حليم يوسف أن الرواية كانت بمثابة رحلة بحث عن مصدر الوحشية التي عشناها خلال السنوات الأخيرة بسوريا بوجه عام وفي روج آفا بشكل خاص، حيث حاول الكاتب من خلال هذه الرواية البحث عن مصدر تلك الوحشية المفاجئة ومظاهر الذبح والقتل وهدر الدم والاغتصاب والتخريب التي ظهرت خلال السنوات الاخيرة بالبحث عن اجابة حول سبب ظهور هذه الوحشية، ولذلك فكرة الرواية جاءت من هنا، من خلال الحكي عن جيلين هما جيل الاستاذ والتلميذ، اي فترتي حكم “الرئيسين” الأب والأبن، وبعد انتهاء فترة الرئيس الأب يخرج هذا الاستاذ من السجن، ليدخل التلميذ في نفس السجن الذي كان به الاستاذ، ولكن في فترة الرئيس الأبن، فأنا أتحدث عن تجربة السجن في ظل النظام السوري، ثم ظهور الوحشية في كل اطياف المشهد السياسي والجماعات المسلحة والارهابية من جميع الاطراف، لدرجة أن المؤلف نفسه بات يتساءل عن مصير الوحش الذي بداخله.

ودار خلال الندوة نقاشات فكرية عميقة بل وجدل بناء حول تعريف الأدب الكردي وموقع الهوية الثقافية والقومية منه، وسط حوار مطول ومتعدد الأطراف بين الكاتب والحضور حول التأثير المتبادل والتداخل والتفاعل بين الفكر السياسي الكردي بتطور نماذجه ونظرياته وأطروحاته والادب الكردي بألوانه المتعددة، فكانت الجلسة بمثابة دعوة للتفكير والتساؤل بأكثر مما كانت استحضار لإجابات جاهزة أو توزيع رسائل معلبة، ولفت الحديث الانتباه الى الحاجة الماسة لتعزيز التفاعل بين الأدب العربي والكردي وسيما روائيا لما يمثله ذلك من ترجمة الشعور والهم المشترك.

وخلال الندوة، تحدث الروائي عن أنه كان طالبا في كلية الحقوق بجامعة حلب “وفي الفترة الاخيرة تركيا احتلت عفرين ومع الفصائل الارهابية التابعة للدولة التركية لمحت صورة احد اصدقاء سنوات الدراسة الذي كان متحمس لحزب يساري والان اصبح عميل لتركيا يساعدها على احتلال شعبه، لذلك انا عاجز عن تفسير الحالة السورية والتحول الراديكالي المذهل حتى بمحيط الاصدقاء واصبح من المذهل تفسيرها وهذه الرواية حاولت الوصول لهذه الاجابة، وكتبت الرواية وخلصتها ولكن ظلت النهاية مفتوحة ولا اعرف ما قدمته من ملامح الاجابة صحيح ام لا”.

ومال الروائي الكردي إلى فكرة حصر الأدب الكردي فيما كتب باللغة الكردية فقط، لأن الأدب العربي هو ما كتب بالعربية، وبالمثل وعلى سبيل المثال أمين معلوف لم يكتب باللغة العربية ولا يمكن اعتبار ما كتبه أدب عربي رغم تناوله لأوضاع المنطقة العربية، وأكد الكاتب ان الرقابة المشددة في سوريا كانت تمنع العديد من الكتب والروايات للمفكرين والروائيين الكرد، مؤكدا ان الكردي السوري منع من تعليم أولاده لغته الأم، ومورس بحقه قمع ثقافي لعقود، وتابع: “أنا بطبيعتي منحاز للإبداع بغض النظر عن اللغة التي سيكتب بها أو تعبيره عن هوية معينة، فالإبداع نفسه هو هوية الكاتب، اما بخصوص سؤال الهوية فإن الأدب الكردي هو ذلك الأدب الذي يكتب بالكردية”.

ولفت يوسف إلى أن الحاجة إلى التأكيد على الكتابة باللغة الكردية لأنه هناك حاجة انسانية الى الكتابة بهذه اللغة التي تعرضت للقمع والمنع لسنوات كثيرة، لافتا إلى أنه لا يميل للكتابة بلغة منتشرة فذلك ليس معيارا للإبداع حتى لو كانت اللغة الكردية لا يتحدث بها سوى اهلها، وتابع: “فيما يتعلق بعدد القراء الكرد ورغبة اي كاتب في انتشار كتاباته، اعتبر ان هذا الامر لا يشغلني على المستوى الشخصي، ولم ابحث عن الانتشار، فسؤال الكتابة هو سؤال شخصي وروحي بالنسبة لي وكتبت عن ما كان يحاصرنا كأطفال من ألغاز حول القمع والخوف والمنع، ولذلك عندما كتبت لم أتساءل كثيرا عن اللغة التي سأكتب بها ولكن عن التعبير عن ما عشته، ولذلك ما عشته بالكردية هو ما ظهر في كتاباتي”.

واوضح الكاتب ان اصداره لروايات بالعربية لا يعد ترجمة لنسختها الكردية، بل يقوم على اعادة الكتابة حسب خصوصيات اللغة العربية وليس ترجمة نصية لنفس النسخة الكردية.

وعلى الرغم من رفض الكاتب طوال الندوة لفكرة التأثير المباشر للفكر السياسي الكردي على الأدب الكردي، فإنه أكد انه في نهاية المطاف وجد أن المؤسسين الأوائل للرواية الكردية هم سياسيين وبعضهم لجأ للأدب كانعكاس لإحباط سياسي، حيث كان الآباء المؤسسيين للرواية الكردية مثل عرب شمو عضو المكتب السياسي بالحزب الشيوعي الارميني والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني في ايران رحيم والاسم الثالث ابراهيم احمد رئيس المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني ثم حزب الاتحاد، وهم جميعهم قيادات حزبية”.

وخلال الندوة التي جاءت بمناسبة توقيع الكتاب في القاهرة، أكد المشاركون ان النظام القمعي في سوريا لم يسمح لأي من الكتاب الكرد أو العرب ان يكتبوا بحرية ويعبروا عن آراءهم، واشاروا إلى أن هناك العديد الكتاب العرب الذين نجحوا في تناول القضايا الكردية بشكل مخلص، جنبا إلى جنب مع الكتاب الكرد بطبيعة الحال.

وفيما يتعلق بسؤال القومية أو الهوية في الأدب الكردي، قال الباحث محمد حكيم احد المشاركين في الندوة ان الأدب الكردي لا يزال بحاجة إلى مواكبة التطور في الفكر السياسي الكردي الذي بات يمثل تجديدا للفكرة القومية بمعنى تطبيق مفهوم الأمة الديمقراطية بما يعكس أفكار المفكرين والسياسيين الكرد، ولكن الروائي الكردي حليم يوسف اعتبر ان التأثير المباشر مستبعد بالنسبة لتأثير الفكر السياسي على الأدب الكردي، لأن العلاقة متداخلة بين الفكر والسياسة بدرجة لا يمكن معها تلمس التأثير المباشر للفكر السياسي على الادب، وتابع: “هناك 3 نماذج كبيرة في الساحة السياسية او الاحزاب الكردية الكبيرة التي تتمثل في الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني، هناك تأثير بطبيعة الحال ولكن لا يمكن القول ان هناك ادباء معينين لكل فكر سياسي كردي”.

فيما أعتبر الباحث في الشأن الكردي السيد عبدالفتاح ان اختيار اللغة بالنسبة للأديب الكردي يمثل معضلة للبعض، فمظم الكتاب الكرد يتقنون اكثر من لغة، مما يجعل البعض يتسأل عن أهمية اختيار اللغة الاصلية لكتابة الروايات لدى الروائيين الكرد، فيما اعتبر الدكتور محمود زايد المتخصص في الشأن الكردي أننا لازلنا بحاجة لتعريف الأدب الكردي هل هو ما يكتبه المؤلفين الكرد بأي لغة أم ما يكتب بالأساس باللغة الكردية، معتبرا انه من المفيد النظر للأدب الكردي بشكل شامل ليضم ايضا ما يكتبه الروائيون والمؤلفون الكرد بلغات أخرى.

وأشاد أحد المشاركين في الندوة بمهرجان القاهرة الأدبي الذي للمرة الأولى وفر له فرصة الاطلاع على الأدب الكردي الذي يمثل رافدا اساسيا من روافد الأدب العالمي.

وفي ختام الندوة اعرب الكاتب عن شكره للحضور وأكد ان طباعة الرواية في القاهرة والاستضافة في مصر كانت تجربة ثرية.