أبرز الروايات في الأدب الكردي
جوان تتر
غُيَّبت الروايات في الأدب الكردي في مختلف اللغات، وخاصةً منها العربيَّة على مدار عقودٍ طويلة، لا يمكن إرجاعَ الأسباب سوى إلى تلك السياسيَّة التي لعبت الدور الأبرز في ذلك التغييب، أو لعلّها الأقدارُ هي من ساهمت في ذلك!.
يعود تاريخ أول كتابة لرواية كرديَّة إلى العام 1935 لتتالى بعد ذلك أشكال الرواية وتتطوَّر وفقاً لتطوِّر الخيال واللغة الكرديَّيَن، وكأي لغةٍ تُكتَب بها الرواية، اختلفت المواضيع واشتبكت الأحداث فيها، منها من تكلَّم عن تغريبة الكرديّ وسردها، ومنهم من انساق وراء همِّه الذاتي، لتتعدّد بذلك الأشكال الكتابيَّة للرواية الكرديَّة، سنتعرّف في هذا المقال المختصَر إلى أبرز الروايات الكردية وأكثرها تأثيراً.
آخر رمّانات العالم
حظيَ الروائي الكرديّ بختيار علي من مواليد السليمانيَّة- العراق 1960 بشهرةٍ أوروبيَّة قبل العربيَّة، وقُرِأ في لغة الضَّاد بعد صدور الترجمة العربيَّة لروايته المعنوَنة بـ: “آخر رمّانات العالم”، الصادرة عن دار مسكلياني – تونس وبتوقيع من المترجمين: “عبد الله شيخو و ابراهيم خليل” في العام 2019، علماً أنَّ ترجمةً أخرى للرواية صدرت خلال العام 2002 بتوقيع من المترجم الإيراني: “غسان حمدان”، إنَّما بعنوانٍ مختلف قليلاً: “آخر رمان الدنيا”. تدور أحداث الرواية التي هي من أهم الروايات في الأدب الكردي حول الأسى الكرديّ، لتصل وفق النقَّاد إلى مصافّ الرواية السحريَّة، حيثُ أحداثٌ متلاطمة، وشخصيَّات تعيشُ داخل سردٍ معذَّب، بحثاً عن خلاصها، سياسيَّاً واجتماعيَّاً ودوليَّاً، رحلةُ الكرديّ في مآسيه، الأمر الذي دفع بالناقد الألماني الشهير شتيفان فايدنر إلى التعليق على النسخة الألمانيَّة من الرواية بالقول: “قنبلة بكل معنى الكلمة”. رواية القنابل المحرَّمة دوليَّاً والأسلحة الكيميائيَّة التي استُخدِمَت ضدّ الكرد في العراق، رحلةُ البحثِ عن الولد التائه، في قالبٍ سرديٍّ أخَّاذ، روايةٌ تعكُسُ شخصيَّة الروائيّ نفسه، لتودي بالقارئ نحو الموتِ وعذاباته، ذلك الموت الذي يتحوَّل إلى موتٍ يوميّ بالنسبة إلى الإنسان الكرديّ.
الوحشُ الذي في داخلي
يعتبر الروائي الكردي السوري حليم يوسف مواليد عامودا 1967 من أبرز الروائيين المحدثين الكرد حتَّى الآن، وصدرت له عشرات الكتب بين روايةٍ وقصصَ قصيرة باللغتين الكرديَّة والعربيَّة، ولعلّ أهمّ رواياته كانت رواية: “سوبارتو”، التي حُظيت بشهرةٍ عربيَّةٍ وكرديَّة على حدٍّ سَواء، سوى أنّ روايته الصادرة في نسختها العربيَّة عن دار صفصافة في مصر والمعنوَنة بـ: “الوحش الذي في داخلي” تكادُ تكونُ الأكثر شهرةً في الوقت الرّاهن، وذلك لما فيها من تقنيَّاتٍ سرديَّةٍ تجانب الإنسان الكرديّ السوري، وأيضاً لما فيها من أحداثٍ واقعيَّةٍ لها أثرها اللامع في الذاكرة الكرديَّة السوريَّة، ولا سيَّما أنّ سوريا تعيش الآن حرباً طاحنةً، وسط قتل وتهجير الكُرد.
تدور الرواية حول مسقط رأسه، مدينته عامودا، الواقعة في الشمال السوريّ، وما عاشته المدينةُ من رعبٍ من الأب القائد الأخير الذي غيَّب تلك المدينة، وامتدّ تغييبه إلى المدن الأخرى في شمال سوريا، روايةٌ توثِّقُ سنواتٍ طويلة من مُعاشرةِ الوحوش التي تطلُّ برأسها حالَ توفّر الفرصة، لتعيث خراباً في البلد، وتتفنَّنَ في القتل. تكادُ تكونُ الأحداثُ شريطاً سينمائيَّاً مصوَّراً بتقنيةٍ سرديَّةً مفرِطَةٍ في الألم والعذاب اليوميّ، الشخصيَّات التي يتعرَّف إليها القارئُ في هذا العمل لن ينساها.
يوم من أيَّام عفدالي زينكى
تكادُ تكون هذه الرواية هي الأقرب إلى القارئ الكردي من بين الروايات في الأدب الكردي لكاتبها الروائي الكردي والمحدث الأبرز محمد أوزون 1953-2007، والحاصل على جوائز عدَّة في مجال الكتابة الروائيَّة. صدرت الرواية في ترجمتها العربيَّة خلال العام 2010 وبترجمة موقَّعة من المترجم والشاعر الكردي محمد نور الحسيني.
روايةٌ تتكلّم عن مغنٍ كردي معروف، وهو: “عفدالى زينكى”، الشخصيَّة الأسطوريَّة التي مَرِنت الغناء في يومٍ واحد، والرواية تكاد بالكامل تدور خلال يومٍ واحد، وهو تأريخٌ وإعادة إحياء لشخصية غنائيَّة، برعت في الغناء الشفاهي الكردي القديم، بالإضافة إلى مواضيع متعلّقة بالإبادة الأرمنيَّة التي حصلت على يد العثمانيين.تختلط التراجيديا الإنسانيَة والملاحم الكرديَّة والشخصيَّات الأسطوريَّة في هذا العمل الروائي لنكون أمام نتاجٍ يُعتبَر أوَّل من طرق باب الأساطير وتفعيلها ضمن الرواية والسرد.
متاهة الجنّ
من أكثر الروائيين الكرد غرابةً وبعداً عن النمطيَّة في جُلِّ أعماله الروائيَّة والقَصَصيَّة، حسن متّه، المولود في قرية ارخانيه – آمد في تركيا عام 1957، برع في كتابة الروايات القصيرة واشتهر بعوالمه السحريَّة في كامل منتوجه الروائيّ، وهذا ما سيفعله في روايته المعنوَنة بـ: متاهة الجنّ الصادرة خلال العام 2013 بتوقيعٍ من المترجم جان دوست. تتحدَّث متاهة الجنّ عن معلِّمٍ شابّ قادم من المدينة إلى القرية، حالماً بتغيير وجه العالم، سوى أنَّه سيصطدمُ بحكايات الجنّ والعفاريت، حيث مجريات الصراع القائم بين عوالم ثلاث: شاب يتحمَّس لتغيير العالم وزوجة المعلم البدوية التي تركت أهلها راحلةً مع زوجها وقرويّون بسطاء غارقون في متاهات الجنّ وحكاياتهم. اعتُبر متّه من أبرز الروائيين الكرد المعتمدين على الجملة القصيرة في سرده الروائي، ومتانة حبكته القَصصيَّة وغرابة حكاياته وانزياحها المستمرّ نحو اللا معقول، وهذا ما تنطوي عليه الترجمة العربيَّة لنتاجه الأدبيّ كذلك. الخروف الأخضر اعتُبرت رواية “الخروف الأخضر” التي صدرت خلال العام 2008 لكاتبها الدكتور آزاد أحمد علي من أولى الروايات المكتوبة باللغة الكرديَّة في سوريا، وتتأتَّى خصوصيَّة هذا العمل من ابتعاد الأحداث عن الأدلجة ومحاولة العمل بجديَّة أن يكون تأسيساً فعليَّاً للرواية الكرديَّة في سوريا.
https://www.arageek.com/…/most-important-novels-of…